للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ ابنُ قاضي الجبلِ: قولُ ابنِ البَاقِلَّانِيِّ: «يَسقُطُ الفَرضُ عندَها لا بها» باطلٌ؛ لأنَّ مُسْقِطاتِ الفرضِ محصورةٌ: مِن نَسخٍ، أو عَجزٍ، أو فِعلِ غيرِه (١) كالكفايةِ، وليس هذا منها (٢). انتهى.

وعنِ الإمامِ أحمدَ روايةٌ: يَحْرُمُ فِعْلُها، وتَصِحُّ، وعليه: لا ثوابَ فيها.

وعنه: إنْ كانَ عالمًا ذاكرًا للغَصْبِ وقتَ العبادةِ: لم تَصِحَّ، وإلَّا: صَحَّتْ.

قُلْتُ: وهذا هو المُفتَى به في المذهبِ، فإنْ كانَ جاهلًا، أو ناسيًا: صَحَّتْ، ذَكَرَه المجدُ إجماعًا.

(وَتَصِحُّ تَوْبَةُ خَارِجٍ) أي: غاصبٍ لمكانِ مَن غَصَبَهُ حالَ خُروجِه (مِنْهُ) وهو (فِيهِ) قَبْلَ إتمامِ خُروجِه، (وَلَمْ يَعْصِ بِخُرُوجِهِ).

قالَ ابنُ عَقِيلٍ: لم يَختلفوا أنَّه لا يُعَدُّ واطئًا بنَزْعِه في الإثمِ، بل في التَّكفيرِ، وكإزالةِ مُحْرِمٍ طِيبًا بيَدِه، أو غَصَبَ عَينًا ثمَّ نَدِمَ وشَرَعَ في حَمْلِها على رأسِه إلى صاحِبِها، أو أَرسَلَ صيدًا صادَه مُحْرِمٌ، أو في حَرَمٍ مِن شَرَكٍ، والرَّامي بالسَّهمِ إذا خَرَجَ السَّهمُ عن مَحَلِّ قُدرتِه، وإذا جَرَحَ ثمَّ تابَ والجرحُ ما زالَ إلى (٣) السِّرَايَةِ، ففي هذه المواضعِ ارتفعَ الإثمُ بالتَّوبةِ، والضَّمانُ باقٍ، بخلافِ ما لو كانَ ابتداءُ الفِعلِ غيرَ مُحَرَّمٍ، كخروجِ مُستعيرٍ مِن دارٍ انْتَقَلَتْ عنِ المُعِيرِ، وخروجِ مَن أَجْنَبَ بمسجدٍ، فإنَّه غيرُ آثمٍ اتِّفاقًا.


(١) ليست في (د).
(٢) ينظر: «التحبير شرح التحرير» (٢/ ٩٥٧).
(٣) في (ع): في.

<<  <   >  >>