للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بذلك بقولِه: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} (١)، وقولِه تَعالى: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ} (٢)، وقالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «فَإِنَّ قُرَيْشًا مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي» (٣).

وقالَ أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ -رضي الله عنه-: ما هذا كَلَامِي ولا كَلَامُ صَاحِبِي، وَلَكِنْ كَلَامُ اللهِ تعالى (٤).

والكلامُ: هو الحروفُ المنظومةُ، والكلماتُ المفهومةُ، والأصواتُ المفهومةُ.

(وَإِنْ سُمِّيَ بِهِ) أي: سُمِّيَ بالكلامِ (المَعْنَى النَّفْسِيُّ) فمَجازٌ.

(وَ) المعنى النَّفسيُّ: (هُوَ نِسْبَةٌ بَيْنَ مُفْرَدَيْنِ) أي: بينَ المَعنيينِ المُفردينِ، تَعَلَّقُ أحدِهما بالآخَرِ، وإضافتُه إليه على وجهِ الإسنادِ الإفاديِّ؛ أي: بحَيثُ إذا عُبِّرَ عن تلك النِّسبةِ [بلفظٍ يُطابِقُها ويُؤَدِّي مَعناها كانَ ذلك اللَّفظُ إسنادًا إفاديًّا (قَائِمَةٌ) تلك النِّسبةُ] (٥) (بِالمُتَكَلِّمِ) ومعنى قيامِها به ما قالَه الفخرُ الرَّازيُّ (٦): وهو أنَّ الشَّخصَ إذا قَالَ لغيرِه: اسْقِني ماءً، فَقَبْلَ أن يَتَلَفَّظَ بهذه الصِّيغةِ قامَ بنَفْسِه تصوُّرُ حقيقةِ السَّقْيِ، وحقيقةِ الماءِ، والنِّسبةُ الطَّلبيَّةُ


(١) التَّوبة: ٦.
(٢) البقرة: ٧٥.
(٣) رواه أبو داودَ (٤٧٣٤)، والتِّرمذيُّ (٢٩٢٥)، والنَّسائيُّ في «الكبرى» (٧٦٨٠)، وابنُ ماجه (٢٠١) مِن حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ -رضي الله عنه-.
قالَ التِّرمذيُّ: حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.
(٤) رواه البيهقيُّ في «الأسماءُ والصِّفاتُ» (٥١٠) وصحَّحَه.
(٥) ليس في (د).
(٦) «الأربعين في أصول الدين» (ص ١٧٤).

<<  <   >  >>