للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بينَهما، فهذا هو الكلامُ النَّفسيُّ، والمعنى القائمُ بالنَّفْسِ، وصيغةُ قولِه: «اسْقِني ماءً»، عبارةٌ عنه ودليلٌ عليه.

إذا عَلِمْتَ ذلك (فَـ) إطلاقُ المعنى النَّفسيِّ على الكلامِ (مَجَازٌ) لا حقيقةٌ.

تنبيهٌ: هذه المسألةُ مِن أعظمِ مسائلِ أصولِ الدِّينِ، وهي مسألةٌ طويلةُ الذَّيلِ، حَتَّى قِيلَ: إنَّه لم يُسَمَّ علمُ الكلامِ إلَّا لأجلِها، ولذلك اختلفَ أئمَّةُ الإسلامِ فيها اختلافًا كثيرًا مُتباينًا.

قال الطُّوفِيُّ (١): إِنَّمَا كانَ حقيقةً في العبارةِ مجازًا في مَدلولِها لوجهينِ:

أحدُهما: أنَّ المُتبادِرَ إلى فهمِ أهلِ اللُّغةِ مِن إطلاقِ الكلامِ إِنَّمَا هو العباراتُ، والمُبادرَة دليلُ الحقيقةِ.

الثَّاني: أنَّ الكلامَ مُشتَقٌّ مِن الكَلْمِ، لتَأْثِيرِه في نفسِ السَّامِعِ، وَالمُؤَثِّرُ في نفسِ السَّامعِ إِنَّمَا هو العباراتُ لا المعاني النَّفسيَّةُ بالفِعلِ، نعمْ، هي مُؤثِّرةٌ للفائدةِ بالقُوَّةِ، والعبارةُ مُؤثِّرةٌ بالفعلِ؛ فكانَتْ أَوْلَى بأنْ تَكُونَ حقيقةً، وما يَكُونُ مُؤَثِّرًا بالقوَّةِ: مجازٌ.

قولُهم: استعملَ لغةً وعُرفًا فيهما.

قُلْنا: نعمْ، بالاشتِراكِ، أو بالحقيقةِ فيما ذَكَرْنَاه، والمجازُ فيما ذَكَرْتُموه، والأوَّلُ ممنوعٌ.

قولُهم: الأصلُ في الإطلاقِ الحقيقةُ.


(١) «شرحُ مُختصَرِ الرَّوضةِ» (٢/ ١٤).

<<  <   >  >>