للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ الإمامُ أحمدُ: ما رواه الأعمشُ عن إبراهيمَ عن عَلْقَمَةَ عن عبدِ اللهِ عنِ (١) النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أو رَوَاه الزُّهْرِيُّ عن سالمٍ عن أبيه، وداودَ عنِ الشَّعبيِّ، عن عَلْقَمَةَ عن عبدِ اللهِ عن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، كلُّ ذلك ثابتٌ.

(وَيَكْفِي) في الإسنادِ: (إِمْكَانُ لُقِيٍّ فِي قَوْلِ) كثيرٍ مِنَ المُتأخِّرينَ، وذَكَرَ مُسلمٌ (٢) أنَّه الَّذِي عليه أهلُ العِلمِ بالأخبارِ قديمًا وحديثًا.

(وَظَاهِرُهُ) أي: ظاهرُ هذا القولِ أنَّ الثِّقةَ (لَوْ رَوَى عَمَّنْ) أي: عن شخصٍ (لَمْ يُعْرَفُ بِصُحْبَتِهِ، وَ) لا بـ (رِوَايَتِهِ عَنْهُ) أنَّه (يُقْبَلُ) ما رَوَاه عنه (مُطْلَقًا) يَعني ولو أَجمَعَ أصحابُ الشَّيخِ على أنَّه ليسَ منهم؛ لأنَّه ثقةٌ، ويَدُلُّ على هذا القولِ كلامُ الإمامِ أحمدَ في اعتذارِه لجابرٍ الجُعفِيِّ في قِصَّةِ هشامِ بنِ عروةَ مع زوجتِه (٣).

والقولُ الثَّاني: وهو ظاهرُ كلامِ الإمامِ أيضًا في مواضعَ، وعليه جمهورُ المُتقدِّمينَ: أنَّه يُشتَرَطُ العِلْمُ باللُّقِيِّ.

قالَ في «شرحِ الأصلِ» (٤): وهو أظهرُ، بل كلامُ الإمامِ أحمدَ، وأبي زُرْعَةَ، وأبي حاتمٍ، وغيرِهم مِن أعيانِ الحُفَّاظِ، يَدُلُّ على اشتِراط ثبوتِ السَّماعِ، قال أحمدُ في يَحيى بنِ كثيرٍ: قد رأى أنسًا، فلا أدري أَسَمِعَ منه أو لا؟ وكذلك كثيرٌ مِن (٥) الصَّحابةِ رَأَوُا النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ولم يَصِحَّ لهم سماعٌ منه، فرِوايَاتُهم عنه مُرسَلَةٌ، كطارقِ بنِ شهابٍ وغيرِه، وكذلك مَن


(١) في (د): أن.
(٢) «صحيح مسلم» (المقدمة ١/ ٢٩).
(٣) ينظر: «المسودة في أصول الفقه» (ص ٣٠٥).
(٤) «التحبير شرح التحرير» (٤/ ١٩٨٢ - ١٩٨٣).
(٥) في «التحبير شرح التحرير»: من صبيان.

<<  <   >  >>