للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عُلِمَ منه أنَّه مع اللُّقِيِّ لم يَسمَعْ ممَّن لَقِيَه إلَّا شيئًا يسيرًا، فروايتُه عنه زيادةً على ذلك مُرسَلةٌ، كسَماعِ الحَسنِ مِن عثمانَ، وهو على المِنبَرِ يَأْمُرُ (١) بقتلِ الكلابِ وذبْحِ الحمامِ (٢)، ورواياتُه عنه غيرَ ذلك مُرسلةٌ.

قالَ أحمدُ: أبانُ بنُ عثمانَ لم يَسمَعْ مِن أبيه، مِن أين سَمِعَ منه؟!

ومُرادُه: مِن (٣) أين صَحَّتِ الرِّوايةُ بسَماعه منه، وإلَّا فإمكانُ ذلك واحتمالُه غيرُ مُستَبْعَدٍ.

فدَلَّ كلامُ الإمامِ أحمدَ وغيرِه على أنَّ الاتِّصالَ لا يَثْبُتُ إلَّا بثبوتِ التَّصريحِ بالسَّماعِ، وهذا أضيقُ مِن قولِ ابنِ المَدينيِّ، والبخاريِّ، فإنَّ المَحكِيَّ عنهما أنَّه يُعتبَرُ أحدُ أمرينِ: إمَّا السَّماعُ، وإمَّا اللُّقِيُّ. وأحمدُ ومَن مَعَه (٤) عندَهم لا بدَّ مِن ثُبُوتِ السَّماعِ، ويَدُلُّ على أنَّ هذا مُرادُهم أنَّ أحمدَ قال: ابنُ سيرينَ لم يَجِئْ عنه سماعٌ مِن ابنِ عبَّاسٍ.

وقالَ أبو حاتمٍ (٥): الزُّهرِيُّ أَدرَكَ أبانَ بنَ عثمانَ ومَن هو أكبَرُ منه، ولكنْ لا يَثْبُتُ له السَّماعُ، كما أنَّ حَبيبَ بنَ أبي (٦) ثابتٍ لا يَثْبُتُ له السَّماعُ مِن عُروةَ، وقد سَمِعَ ممَّن هو أكبَرُ منه، غيرَ أنَّ أهلَ هذا الحديثِ قدِ اتَّفَقُوا على ذلك، واتِّفاقُهم على شيءٍ يَكُونُ حُجَّةً. انتهى مِن «شرحِ الأصل» (٧) مُلَخَّصًا.


(١) ليست في (د)، و (ع)، «التحبير شرح التحرير». والمثبتُ مِن التَّخريجِ.
(٢) رواه أحمد (٥٢١)، وعبد الرزاق (١٩٧٣٣).
(٣) ليست في (د).
(٤) في «التَّحبير شَرح التَّحريرِ»: تبعه.
(٥) «المراسيل» (ص ١٩٢).
(٦) ليست في (د)، (ع). ومثبتة من «المراسيل» (ص ١٩٢).
(٧) «التحبير شرح التحرير» (٤/ ١٩٨٢ - ١٩٨٣).

<<  <   >  >>