للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لمَّا دَرَسْتُ هذينِ العِلْمينِ الجليلينِ، وأُقَرِّرُ هنا أنَّ الجاهلَ بهذينِ العِلْمَينِ لا يَكونُ عالمًا مهما حَفِظَ مِن كُتُبِ الفروعِ؛ لأنَّ تقريرَ الحقِّ في مَواردِ النِّزاعِ لا يَكونُ إلَّا بِهِما، فعِلْمُ الحديثِ يُصَحِّحُ لك الدَّليلَ، وعِلمُ أُصولِ الفقهِ يُسَدِّدُ لك الفهمَ، فهما كجَناحيِ الطَّائرِ. اهـ

أوَّلُ مَن صَنَّفَ في أُصولِ الفقهِ

ومشهورٌ أنَّ إمامَنا الشَّافعيَّ -رضي الله عنه- هو أوَّلُ مَن ألَّفَ وجَمَعَ في هذا العِلْمِ الشَّريفِ، وقالَ البعضُ بأنَّ الحنفيَّةَ هم أوَّلُ مَن وَضَعَ قواعدَ هذا العِلْمِ.

قالَ الزَّرْكَشِيُّ في «البرهان» (١/ ١٨): الشَّافعيُّ -رضي الله عنه- أوَّلُ مَن صَنَّفَ في أُصولِ الفقهِ، صَنَّفَ فيه كتابَ «الرِّسالة»، وكتابَ «أَحكام القرآنِ»، و «اختلاف الحديثِ»، و «إبطال الاستحسانِ»، وكتابَ «جماع العِلمِ»، وكتابَ «القياس» الَّذي ذَكَرَ فيه تضليلَ المُعتزلةِ ورُجوعَه عن قَبولِ شهادتِهم، ثمَّ تَبِعَه المُصَنِّفون في الأُصولِ.

قالَ الإمامُ أحمدُ ابنُ حنبلٍ: لم نَكُنْ نَعرِفُ الخُصوصَ والعمومَ حتَّى وَرَدَ الشَّافعيُّ.

وقالَ الجُوينيُّ في «شرح الرِّسالةِ»: لم يَسبِقِ الشَّافعيَّ أحدٌ في تصانيفِ الأصولِ ومعرفتِها. اهـ

وقالَ ابنُ خلدونَ في «تاريخِه» (١/ ٥٧٦): كانَ أوَّلَ مَن كَتَبَ فيه -أي: علْمِ أُصولِ الفقهِ- الشَّافعيُّ -رضي الله عنه-، أَمْلَى فيه رسالتَه المشهورةَ، تَكَلَّمَ فيها على الأوامرِ والنَّواهي، والبيانِ، والخبرِ، والنَّسخِ، وحُكْمِ العِلَّةِ المَنصوصةِ مِن القياسِ. اهـ

<<  <   >  >>