للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كقولِه: ومَن أُكْرِهَ على الطَّلاقِ، وإذا عَقَلَ الصَّبيُّ الطلاقَ، وأشباهِ هذا مِمَّا يُرادُ به ذلك الجنسُ، ولا يُفهَمُ منه الاستغراقُ، فعندَ ذلك لا يُحمَلُ على التَّعميمِ إلَّا بنِيَّةٍ صارفةٍ إليه، فالأشبهُ في هذا جميعِه أنَّه يَكُونُ واحدةً في حالِ الإطلاقِ؛ لأنَّ أهلَ العُرفِ لا يَعتقدونه (١) ثلاثًا ولا يَعلَمون أنَّ الألفَ واللَّامَ للاستغراقِ. ولهذا يُنْكِرُ أحدُهم أنْ يَكُونَ طَلَّقَ ثلاثًا، ولا يَعتقدُ أنَّه طَلَّقَ إلَّا واحدةً، فمُقتضى اللَّفظِ في ظنِّهم واحدةٌ، فلا يُريدونَ إلَّا ما يَعتقدونه مُقتَضى لفظِهم، فيَصيرُ كأنَّهم نَوَوْا واحدةً.

(٧) ويَعُمُّ اسمٌ (مُفْرَدٌ مُحَلًّى بِلَامٍ غَيْرِ عَهْدِيَّةٍ لَفْظًا) بأنْ دَخَلَه آلةُ التَّعريفِ، ولم يَسبِقْ تنكيرُه عند الأكثرِ، كالرَّجلِ (٢) والسَّارقِ والمُؤمنِ والفاجرِ؛ لأنَّ الأصلَ فيه الاستغراقُ، ولم تَزَلِ العلماءُ تَستدلُّ بآيةِ السَّرقةِ وآيةِ الزِّنا من غيرِ نكيرٍ، ولوقوعِ الاستثناءِ منه، نحوُ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (٣) الآيةَ، وأيضًا فيُوصَفُ بصيغةِ العُمومِ، كما قال تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} (٤)، فعلى هذا يَكُونُ عمومُه مِن جهةِ اللَّفظِ على الأصحِّ لا مِن جهةِ المعنى؛ لأنَّ عمومَ المُفردِ الَّذِي دَخَلَتْ عليه «الـ» غيرُ عمومِ الجمعِ الَّذِي دَخَلَتْ عليه «الـ»، فالأوَّلُ يَعُمُّ المُفرداتِ والثَّاني يَعُمُّ الجموعَ؛ لأنَّ «الـ» تَعُمُّ أفرادَ ما دَخَلَتْ عليه، وقد دَخَلَتْ على جمعٍ.

(٨) ويَعُمُّ أيضًا (مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ) عندَ أحمدَ وأصحابِه، وحُكِيَ عن الأكثرِ، ومنه قولُه تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} (٥).


(١) حاشية في (ع): نسخة يعتمد.
(٢) في (د): كرجل.
(٣) التِّين: ٤.
(٤) النُّور: ٣١.
(٥) النَّحل: ١٨.

<<  <   >  >>