للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقولُه تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (١) أي: كلُّ محسنٍ، {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} (٢) أي: كلًّا منهم بأنْ يُعاقِبَهم، ويُؤَيِّدُه: صِحَّةُ استثناءِ الواحدِ مِنه نحو: جاءَ الرِّجالُ إلَّا زيدًا، ولو كانَ معناه كلُّ جمعٍ مِن جموعِ الرِّجالِ: لم يَصِحَّ، إلَّا أنْ يَكُونَ مُنقطعًا.

(٦) (وَ) يَعُمُّ أيضًا (اسْمُ جِنْسٍ مُعَرَّفٌ تَعْرِيفَ جِنْسٍ) وهو ما لا واحدَ له مِن لفظِه كالحيوانِ والماءِ والتُّرابِ، حمْلًا للتَّعريفِ على فائدةٍ لم تَكُنْ، وهو تعريفُ جميعِ الجنسِ؛ لأنَّه الظَّاهرُ، كالجمعِ والاستثناءِ منه (٣)، كقولِه تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} (٤).

و (لَا) يَعُمُّ اسمُ الجنسِ المُعَرَّفُ تعريفَ جنسٍ (مَعَ قَرِينَةِ عَهْدٍ) اتِّفاقًا؛ أي: إذا عُرِفَ إرادةُ العهدِ، كسَبْقِ تنكيرٍ؛ لأنَّه يَصرِفُه إلى العهدِ كقولِه تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ} (٥).

(وَيَعُمُّ) اسمُ الجنسِ المذكورُ (مَعَ جَهْلِهَا) أي: جهلِ القَرينةِ عندَ الأكثرِ؛ لأنَّ تقييدَ العُمومِ [عندَ الأكثرِ] (٦) بانتفاءِ العهدِ يَقتضي أنَّ الأصلَ فيه الاستغراقُ، ولهذا احتاجَ العهدُ إلى قرينةٍ، فما احتملَ العهدَ والاستغراقَ لانتفاءِ القَرينةِ محمولٌ على الأصلِ، وهو الاستغراقُ؛ لعُمومِ فائدتِه.

(وَإِنْ عَارَضَ الِاسْتِغْرَاقَ: عُرْفٌ، أَوِ احْتِمَالُ تَعْرِيفِ جِنْسٍ) كقولِه: عليَّ الطَّلاقُ، أو (٧) الطَّلاقُ يَلْزَمُني؛ (لَمْ يَعُمَّ) على الأصحِّ، فلا تُطَلَّقُ إلَّا واحدةً؛ لأنَّه يَحتملُ أنْ تَعُودَ الألِفُ واللَّامُ إلى معهودٍ يُريدُ الطَّلاقَ الَّذِي أَوْقَعْتُه، ولأنَّ الألفَ واللَّامَ في أسماءِ الأجناسِ تُستعمَلُ لغيرِ الاستغراقِ كثيرًا


(١) آل عمران: ١٣٤.
(٢) آل عمران: ٣٢.
(٣) ليس في (د).
(٤) العصر.
(٥) المُزَّمِل.
(٦) ليس في (د).
(٧) في (د): و.

<<  <   >  >>