للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثالُه: قولُه -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا بَلَغَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمَلِ الخَبَثَ» (١) خُصَّ بمفهومِه وهو ما لم يَبْلُغْ قُلَّتَينِ: عمومُ قولِه -صلى الله عليه وسلم-: «المَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ لَوْنِهِ» (٢) فإِنَّه أعمُّ مِن القُلَّتَينِ أو دُونَهما، فتَصيرُ القُلَّتانِ في الحديثِ الأوَّلِ تَنجيسُهما مخصوصٌ بالتَّغييرِ بالنَّجاسةِ، ويَبقى ما دُونَهما يَنْجُسُ (٣) بمُجَرَّدِ المُلاقاةِ في غيرِ المواضعِ المُستثناةِ بدليلٍ آخَرَ، واستدلَّ له بأنَّه خاصٌّ، وفيه جمعٌ بينَهما، فكانَ أَوْلى.

(٢) (وَ) يُخَصَّصُ عامٌّ أيضًا (بِإِجْمَاعٍ) عندَ الجمهورِ، (وَالمُرَادُ) بالإجماعِ (دَلِيلُهُ)؛ لأنَّ الإجماعَ في نَفْسِه مُخَصِّصٌ؛ لأنَّه لا يُعتَبَرُ زَمَنَ الوحيِ؛ إذِ الإجماعُ لا بُدَّ له مِن دليلٍ يَستندُ إليه وإن لم نَعرِفْه، فالدَّليلُ الَّذِي تَضَمَّنَه الإجماعُ هو المُخصِّصُ، والإجماعُ دليلٌ عليه،

مثالُه: قولُه تَعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} (٤) خُصَّ بالإجماعِ على أنَّ العبدَ القاذفَ يُجلَدُ على النِّصفِ مِن الحُرِّ.


(١) رواه أبو داود (٦٣، ٦٤)، والترمذي (٦٧)، والنسائي (٥٢)، وابن ماجه (٥١٧)، وابن خزيمة (٩٢)، وابن حبان (١٢٤٩) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
قال ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (١/ ٨ رقم ٣): وصححه ابن منده، والطحاوي، والبيهقي، والخطابي.
(٢) رواه ابن ماجه (٥٢١) من حديث أبي أُمامة الباهلي -رضي الله عنه-.
وضعَّفه ابن حجر في «الدراية في تخريج أحاديث الهداية» (٤٠).
ورواه أبو داود (٦٦، ٦٧)، والترمذي (٦٦)، والنسائي (٣٢٧) حديث بئر بُضاعة من حديث أبي سعيد الخُدري وفيه: «إِنَّ المَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ». وقال الترمذي: حديث حسن.
(٣) في «ع»: يتنجس.
(٤) النور: ٤.

<<  <   >  >>