للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَلَوْ عَمِلَ أَهْلُهُ) أي: أهلُ الإجماعِ (بِخِلَافِ نَصٍّ خَاصٍّ) في مسألةٍ (تَضَمَّنَ) إجماعُهم على ذلك العملِ دليلًا (نَاسِخًا) أي: لا يَكُونُ إجماعُهم ناسخًا لذلك النَّصِّ، بلِ النَّاسخُ هو الدَّليلُ الَّذِي تَضَمَّنَه الإجماعُ، وهو مستندُ الإجماعِ، والإجماعُ دليلٌ عليه كالَّتي قَبْلَها.

(٣) (وَ) يُخَصَّصُ العامُّ (بِفِعْلِهِ) أي: بفعلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عندَ الأئمَّةِ الأربعةِ (إِنْ شَمِلَهُ العُمُومُ) أي: إنْ كانَ العمومُ شاملًا له -صلى الله عليه وسلم- وللأُمَّةِ، كما لو قال: «كَشْفُ الفَخِذِ حرامٌ على كلِّ مسلمٍ»، ثمَّ فَعَلَه؛ لأنَّ فعلَه كقولِه في الدَّلالةِ سواءٌ؛ فاستويا في التَّخصيصِ، والظَّاهرُ أنَّه وأُمَّتَه سواءٌ فيه، وقد خَصَّ الإمامُ أحمدُ قولَه تَعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (١) بفعلِه -صلى الله عليه وسلم-، وقالَ: دَلَّ على أنَّه أرادَ الجِماعَ.

(وَ) أمَّا (إِنْ ثَبَتَ وُجُوبُ اتِّبَاعِهِ) أي: اتِّباعِ الأُمَّةِ له -صلى الله عليه وسلم- (فِيهِ) أي: في الفعلِ العامِّ له وللأُمَّةِ (بِدَلِيلٍ خَاصٍّ؛ فَالدَّلِيلُ نَاسِخٌ لِلْعَامِّ)؛ لأنَّ مَحَلَّ كَوْنِ فِعلِه مُخصِّصًا ما إذا كانَ العمومُ شاملًا له وللأمَّةِ بتحريمِ شيءٍ مثلًا، ثمَّ يَفْعَلُ الفِعلَ المنهيَّ عنه، وهو ممَّا لا يَجِبُ اتِّباعُه فيه، إمَّا لكونِه مِن خصائصِه، أو غيرِ ذلك، أمَّا إذا أَوْجَبْنا التَّأسِّيَ به فيه فيَرتفعُ الحُكمُ عنِ الكلِّ، وذلك نسخٌ لا تخصيصٌ، وأمَّا إذا كانَ العمومُ للأُمَّةِ دُونَه، فَفِعْلُه لَيْسَ بتخصيصٍ؛ لعدمِ دُخُولِه في العُمومِ، وقد مَثَّلَ لذلك بالنَّهيِ عنِ استقبالِ القِبلةِ واستدبارِها (٢)، ثمَّ جَلَسَ في بيتِ حَفْصَةَ مُستقبِلَ بيتِ المقدسِ (٣).


(١) البقرة: ٢٢٢.
(٢) رواه البخاري (١٤٤)، ومسلم (٢٦٤) من حديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه-.
(٣) رواه البخاري (١٤٩)، ومسلم (٢٦٦) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.

<<  <   >  >>