للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- (وَ) كنهيٍ أيضًا (إِبَاحَةٌ، وَكَرَاهَةٌ، وَفِي نَدْبٍ نَظَرٌ)، وإنْ كانَ المُطلَقُ والمُقيَّدُ خَبَريْنِ عن حُكمٍ شرعيٍّ؛ فيُنظَرُ في ذلك الحُكْمِ، قاله الشَّيخُ (١).

(وَإِنْ كَانَا) أي: المُطلقُ والمُقيَّدُ، أي: كانَ أحدُهما (أَمْرًا، وَ) الآخَرُ (نَهْيًا: فَالمُطْلَقُ) مِنهما (مُقَيَّدٌ بِضِدِّ الصِّفَةِ) فأحدُهما في مَعنى النَّفيِ والآخرُ في مَعنى الإثباتِ، مثلُ: «إنْ ظَاهَرْتَ فأعتقْ رقبةً»، وتَقولُ: «لا تَمْلِكْ رقبةً كافرةً»، فلا بدَّ مِنَ التَّقييدِ بنفيِ الكفرِ؛ لاستحالةِ إعتاقِ الرَّقبةِ الكافرةِ، فالحملُ في ذلك ضروريٌّ لا من حيثُ إنَّ المُطلَقَ حُمِلَ على المُقيَّدِ.

(وَإِنِ) اتَّحَدَ حُكْمُ المُطلَقِ والمُقيَّدِ و (اخْتَلَفَ سَبَبُهُمَا) كإعتاقِ الرَّقبةِ في القتلِ وفي الظِّهارِ واليمينِ، أمَّا في الظِّهارِ فإنَّها وَرَدَتْ فيه مطلقةً في قولِه تَعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (٢)، وقالَ في اليمينِ: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} إلى قولِه: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (٣)، وأمَّا في القتلِ فإنَّها وَرَدَتْ فيه مُقَيَّدَةً بالإيمانِ في قولِه: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (٤) حُمِلَ المُطلقُ على المُقيَّدِ قياسًا بجامعٍ بينَهما على الصَّحيحِ، كتخصيصِ العُمومِ بالقياسِ، ولا يُحمَلُ عليه لغةً عندَ (٥) أحمدَ وغيرِه على الأرجحِ.

(أَوِ) اخْتَلَفَ (سَبَبُ مُقَيَّدَيْنِ مُتَنَافِيَيْنِ وَمُطْلَقٌ) يَعني: إذا وَرَدَ مَعَنا مُقيَّدَانِ مُتَنافِيانِ ومُطلقٌ، فلا يَخلو: إمَّا أن يَختلِفَ السَّببُ، أو يَتَّفِقَ، فإنِ اختلفَ السَّببُ لكنَّ جنسَ الجميعِ واحدٌ، كتتابُعِ صومِ الظِّهارِ، فإنَّ النَّصَّ قد وَرَدَ


(١) «المسودة في أصول الفقه» (ص ١٤٧).
(٢) المجادلة: ٣.
(٣) المائدة: ٨٩.
(٤) النساء: ٩٢.
(٥) في «ع»: عن.

<<  <   >  >>