للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٥) (وَ) يَكُونُ الإجمالُ أيضًا في مرجعِ (صِفَةٍ) كقولِك: زيدٌ طبيبٌ ماهرٌ، فيحتملُ أنْ يَعُودَ «ماهرٌ» إلى ذاتِ زيدٍ [أي: زيدٌ ماهرٌ] (١)، ويحتملُ أنْ يَعُودَ إلى وصفِه المذكورِ يَعني طبيبًا ماهرًا في طِبِّه، ولا شكَّ أنَّ المعنى متفاوتٌ باعتبارِ الاحتمالينِ، وإنْ كانَ بينَهما فرقٌ، فإنْ أَعَدْنا «ماهرٌ» إلى «طبيب» فيَكُونُ ماهرًا في طِبِّه، وإنْ أعدْناه إلى زيدٍ؛ فتَكُونُ مهارتُه في غيرِ الطِّبِّ، وهو مِن المجملِ (٢) باعتبارِ التَّركيبِ.

وقالَ الكُورَانِيُّ: إذِ المُستكنُّ في «ماهر» يُمكِنُ عَودُه إلى «زيدٌ» وإلى «طبيب»، فعلى ما اختارَه الشَّافعيُّ يَعودُ إلى «طبيبٌ»، فتَنحصرُ مهارةُ زيدٍ في الطِّبِّ (٣).

(٦) (وَ) يَكُونُ الإجمالُ أيضًا في (تَعَدُّدِ مَجَازٍ عِنْدَ تَعَذُّرِ الحَقِيقَةِ) أي: إذا كانَتِ المجازاتُ مُتكافئةً، ولم يَتَّضِحْ أحدُها بقرنيةٍ، ولا بشهادةِ عُرفٍ، ومَنَعَ مانعٌ مِن الحملِ على الحقيقةِ: فيُقَدَّرُ الجميعُ؛ لأنَّه الأقربُ إلى الحقيقةِ؛ كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ! حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا، وَبَاعُوهَا، فَأَكَلُوا ثَمَنَهَا» (٤)، فلو لم يَعُمَّ جميعَ التَّصرُّفاتِ لَمَا اتَّجَهَ اللَّعنُ في البيعِ، فيُضمر (٥) الجميعُ؛ لأنَّ الإضمارَ واقعٌ إجماعًا، وهو أكثرُ وقوعًا مِن الإجمالِ.


(١) ليس في «د».
(٢) في «ع»: الجمل.
(٣) «الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع» (٢/ ٤٤١).
(٤) رواه البخاري (٢٢٢٣)، ومسلم (١٥٨٢) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٥) في «د»: فتضمن.

<<  <   >  >>