للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَهُوَ) أي: التَّحريمُ المضافُ إلى العينِ (عَامٌّ) فنحوُ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} (١)، ونحوُه مِن الأمثلةِ إنْ دَلَّ دليلٌ على تقديرِ شيءٍ مِن المحتملاتِ بعينِه: فذاك، سواءٌ كانَ المقدَّرُ عامًّا في أمورٍ كثيرةٍ أو خاصًّا بفردٍ، وإن لم يَدُلَّ دليلٌ على تعيينِ شيءٍ لا عامٍّ ولا خاصٍّ معَ احتمالِ أمورٍ مُتَعَدِّدَةٍ: لم يَتَرَجَّحْ بعضُها، فتُقَدَّرُ المحتملاتُ كُلُّها، وهو المُرادُ بالعُمومِ في هذه المسألةِ، فلا إجمالَ في ذلك؛ لأنَّ العُرفَ دَلَّ على التَّعميمِ، فيَتناوَلُ الوطءَ ومُقدِّماتِه.

تنبيهٌ: العينُ تُوصَفُ بالحِلِّ والحظرِ حقيقةً لا مجازًا على الصَّحيحِ، فهي محظورةٌ علينا ومباحةٌ، كوصفِها بطهارةٍ ونجاسةٍ، وطِيبٍ وخبثٍ.

(٢) (وَلَا) إجمالَ (فِي) قولِه تَعالى: ({وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} (٢) على الصَّحيحِ؛ لأنَّ عدمَ الإجمالِ بوضعِ حُكمِ اللُّغةِ ظاهرٌ في مسحِ جميعِ الرَّأسِ عندَ الجمهورِ؛ لأنَّ الباءَ حقيقةٌ في الإلصاقِ، وقد أَلْصَقَتِ المسحَ بالرَّأسِ، وهو اسمٌّ لكلِّه لا لبعضِه؛ لأنَّه لا يُقالُ لبعضِ الرَّأسِ: رأسٌ، فيَكُونُ ذلك مُقتضيًا مسحَ جميعِه كآيةِ التَّيمُّمِ في قولِه تَعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} (٣).

(٣) (وَلَا) إجمالَ أيضًا (فِي) قولِه -صلى الله عليه وسلم-: («رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ») (٤) عندَ الجمهورِ؛ لأنَّ نفيَ صورةِ الخطأِ والنِّسيانِ لا يُمكِنُ أنْ يَكُونَ مُرادًا؛ لِما فيه مِن نِسبةِ كلامِه -صلى الله عليه وسلم- إلى الكذبِ والخُلْفِ، فتَعَيَّنَ أنَّ المرادَ نفيُ (٥) الحُكمِ.


(١) النساء: ٢٣.
(٢) المائدة: ٦.
(٣) المائدة: ٦.
(٤) رواه ابن ماجه (٢٠٤٥)، وابن حبان (٧٢١٩) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٥) في (د): رفع.

<<  <   >  >>