للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٤) (وَلَا) إجمالَ أيضًا (فِي آيَةِ السَّرِقَةِ) وهي قولُه تَعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (١) أي: لا إجمالَ في القطعِ، ولا في اليدِ على الصَّحيحِ؛ لأنَّ اليدَ حقيقةٌ إلى المَنكبِ، لصِحَّةِ إطلاقِ بعضِ اليدِ لِما دُونَه، والقطعُ حقيقةٌ في إبانةِ المفصلِ ولا إجمالَ في شيءٍ منهما، فإطلاقُها إلى الكوعِ مجازٌ قَامَ الدَّليلُ على إرادتِه في الآيةِ، وهو: فعلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، والإجماعُ، ولهذا لَمَّا نَزَلَتْ آيةُ التَّيمُّمِ تَيَمَّمَتِ الصَّحابةُ مَعَه -صلى الله عليه وسلم- إلى المناكبِ.

وأيضًا: لو كانَ مُشتَركًا في الكوعِ والمرفقِ والمنكبِ لَزِمَ الإجمالُ، والمجازُ أَوْلَى مِنه على ما سَبَقَ.

(٥) (وَلَا) إجمالَ أيضًا (فِي) قولِه تَعالى: ({وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (٢) وهو مِن العامِّ المخصوصِ على الصَّحيحِ، فإِنَّه عامٌّ في البيوعِ الجائزةِ وغيرِها، ثمَّ خُصِّصَ المُحرَّمُ منها وبَقِيَ ما عداه ثابتًا بالعُمومِ الأوَّلِ.

وأمَّا قولُه تَعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} فمُجمَلٌ، وبَيَّنَتْه السُّنَّةُ على الصَّحيحِ.

فإنْ قُلْتَ: اللَّفظُ في كلٍّ مِن الآيتينِ مفردٌ مُعَرَّفٌ، فإنْ عَمَّ مِن حيثُ اللَّفظُ فلْيَعُمَّ فيهما، أو المعنى فلْيَعُمَّ فيهما أيضًا، وإن لم يَعُمَّ لا من حيثُ اللَّفظُ ولا المعنى فهُما مُستويانِ معَ أنَّ الصَّحيحَ في آيةِ البيعِ: العُمومُ، وفي آيةِ الزَّكاةِ: الإجمالُ.

قُلْنا: في ذلك سِرٌّ، وهو أنَّ حِلَّ البيعِ على وَفْقِ الأصلِ مِن حيثُ إنَّ الأصلَ في المنافعِ: الحِلُّ، والمضارِّ: الحُرمةُ، بأدلَّةٍ شرعيَّةٍ، فمَهما حَرُمَ


(١) المائدة: ٣٨.
(٢) البقرة: ٢٧٥.

<<  <   >  >>