للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَلِلشَّرْعِيِّ) على الصَّحيحِ؛ لأنَّ خطابَ الشَّرعِ بلفظٍ يَجِبُ حَمْلُه على عُرفِ الشَّرعِ؛ لأنَّه -صلى الله عليه وسلم- مبعوثٌ لبيانِ الشَّرعيَّاتِ، ولأنَّه كالنَّاسخِ المُتأخِّرِ، فيَجِبُ حَملُه عليه.

(فَـ) على هذا (إِنْ تَعَذَّرَ) حَملُ اللَّفظِ على الشَّرعيِّ (فَـ) يُحمَلُ على (العُرْفِيِّ)؛ لأنَّه المتبادِرُ إلى الفهمِ، ولهذا اعتَبَرَ الشَّارِعُ العباداتِ في مواضعَ كثيرةٍ.

فإذا تَعَذَّرَ حَملُه على العُرفِيِّ أيضًا؛ (فَـ) يُحمَلُ على (اللُّغَوِيِّ) كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ دُعِيَ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ، وَإِنْ كانَ صَائِمًا فَلْيُصِلِّ» (١). حَمَلَه ابنُ حِبَّانَ في «صحيحه» على معنى: «فليدْعُ» (٢).

فإنْ تَعَذَّرَ الحملُ على اللُّغةِ (فَـ) يُحمَلُ على (المَجَازِ)؛ لأنَّ الكلامَ: إمَّا حقيقةٌ، وإمَّا مجازٌ.

وإذا تَعَذَّرَ حَملُه على أحدِ الحقائقِ الثَّلاثِ فما بَقِيَ إلَّا المجازُ؛ فيُحمَلُ عليه إذا كانَ مشهورًا والحقيقةُ لغويَّةٌ، وإن لم يَكُنِ المجازُ مشهورًا: عُمِلَ بالحقيقةِ.


(١) رواه مسلم (١٤٣١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) «صحيح ابن حبان» عقب حديث (٥٣٠٦).

<<  <   >  >>