للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحاجةِ عندَ الأكثرِ؛ لأنَّ وجوبَ معرفتِه إِنَّمَا هو للعملِ، فلا حاجةَ له قبلَ وقتِ العملِ؛ ولأنَّه لا يَلزَمُ منه محالٌ، والأصلُ (١) الجوازُ عقلًا، والأمرُ بالتَّبليغِ بعدَ تسليمِ أنَّه للوُجوبِ والفورِ المرادُ به القرآنُ؛ لأنَّه المفهومُ مِن لفظِ المُنَزَّلِ، قاله ابنُ مُفْلِحٍ (٢).

(وَ) يَجُوزُ (التَّدْرِيجُ بِالبَيَانِ) عندَ المُحقِّقينَ بأنْ يُبَيِّنَ تخصيصًا بعدَ تخصيصٍ، كأنْ يُقالَ: «اقتلوا المشركين»، ثمَّ يُقال: «سَلْخَ الشَّهرِ»، ثمَّ يُقالَ: «الحَربيِّينَ»، ثمَّ يُقالَ: «إذا كانوا رجالًا»، واستدلَّ له بوقوعِه، والأصلُ عدمُ مانعٍ.

(وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ إِسْمَاعِ مُخَصِّصٍ مَوْجُودٍ) على الصَّحيحِ؛ لأنَّه يُحتملُ سماعُه بخلافِ المعدومِ، وسَمِعَ الصَّحابةُ الأمرَ بقتلِ الكفَّارِ إلى الجِزيةِ، ولم يَأخُذِ الإمامُ عمرُ الجزيةَ من المجوسِ حَتَّى شَهِدَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنهما: «أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَهَا مِنْهُمْ»، رَوَاه البخاريُّ (٣).

(وَيَجِبُ: اعْتِقَادُ العُمُومِ، وَالعَمَلُ بِهِ فِي الحَالِ) أي: قبلَ البحثِ عن مُخَصِّصٍ عندَ أكثرِ أصحابِنا وغيرِهم؛ لأنَّ المُوجِبَ للاستغراقِ لفظُ العُمومِ، والمُخصِّصُ معارضٌ، والأصلُ عَدَمُه، وعن أحمدَ روايةٌ ثانيةٌ: لا يَجِبُ اعتقادُ العُمومِ، ويَمتنعُ العملُ به قبلَ بَحثِه عن مُخَصِّصٍ، ويَكفي بحثٌ يُظَنٌّ مَعَه انتفاءُ التَّخصيصِ، قاله الأكثرُ؛ لأنَّه لا طريقَ إلى القطعِ، فشَرطُه يُبطِلُ العملَ بالعُمومِ.


(١) في «ع»: والحاصل.
(٢) «أصول الفقه» (٣/ ١٠٣٦).
(٣) «صحيح البخاري» (٣١٥٧).

<<  <   >  >>