للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يَدُلَّ عليه لغةٌ لَمَا فَهِمَه أهلُها، «لَيُّ (١) الوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ» رَوَاه أحمدُ (٢) وغيرُه؛ أي: مطلُ الغنيِّ.

وفي الصَّحيحين: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ» (٣).

وفيهما: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» (٤).

قالَ أبو عُبيدٍ (٥): في الأوَّلِ يَدُلُّ على أنَّ لَيَّ مَن لَيْسَ بواجدٍ لا يُحِلُّ عُقوبتَه وعِرضَه، وفي الثَّاني مثلُه، وقِيلَ له في الثَّالثِ: المرادُ الهجاءُ، وهجاءُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-. فقالَ: لو كانَ كذلك لم يَكُنْ لذِكرِ الامتلاءِ مَعنًى؛ لأنَّ قلبَه كذلك، فأَلْزَمَ أبو عُبيد من تقديرِ الصِّفَةِ المفهومَ قدرَ الامتلاءِ صفةً للهجاءِ، وهو مِن أئمَّةِ اللُّغةِ.

وذكر ابن مُفْلِحٍ (٦) قولَ المُخالفِ: لو دَلَّ مفهومُ الصِّفَةِ لم يَحسُنِ الاستفهامُ،

رُدَّ: ذَكَرَ أصحابُنا منعًا كصريحٍ وتسليمًا لرفعِ الاحتمالِ، وجَزَمَ به ابنُ عَقِيلٍ؛ لأنَّ معنى الخطابِ مُقَدَّمٌ (٧) عليه عندَ جمهورِ العلماءِ.

(وَيَحْسُنُ الِاسْتِفْهَامُ فِيهِ) نحوُ: لا تَشرَبِ الخمرَ؛ فإنَّه (٨) يُوقِعُ العَداوةَ، فيقول: هل (٩) أشربُ النَّبيذَ؟ ولا يُنكِرُ أحدٌ استفهامَه هذا.


(١) في «ع»: في.
(٢) رواه أحمد (١٧٩٤٦)، أبو داود (٣٦٢٨)، والنسائي (٤٦٨٩، ٤٦٩٠)، وابن حبان (٥٠٨٩) من حديث الشَّريد -رضي الله عنه-.
(٣) رواه البخاري (٢٢٨٧)، ومسلم (١٥٦٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٤) رواه البخاري (٦١٥٥)، ومسلم (٢٢٥٧) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٥) «غريب الحديث» (٢/ ١٧٤).
(٦) «أصول الفقه» (٣/ ١٠٨٧).
(٧) في «ع»: متقدم.
(٨) في «ع»: لأنه.
(٩) في «ع»: فهل.

<<  <   >  >>