للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَلَا يَكُونُ النَّاسِخُ) [أي: دليلُه] (١) (أَضْعَفَ) بل يُعتبَرُ عندَ الأكثرِ فيه أنْ يَكُونَ أقوى مِن المنسوخِ أو مُساويًا له.

(وَلَا نَسْخَ) إلَّا معَ التَّعَارُضِ بينَ الدَّليلَينِ، فأمَّا (معَ إِمْكَانِ الجَمْعِ) بينَهما فلا يَتَحَقَّقُ النَّسخُ؛ لأنَّا إِنَّمَا نَحكُمُ بأنَّ الأوَّلَ منسوخٌ إذا تَعَذَّرَ علينا الجمعُ بينَهما، فإذا لم يَتَعَذَّرْ وجَمَعْنا بينَهما بمقبولٍ فلا نَسخَ، وقولُ مَن قال: نُسِخَ صومُ يومِ (٢) عاشوراءَ برمضانَ، أو: نَسَخَتِ الزَّكاةُ كلَّ صدقةٍ سِواها؛ فلَيْسَ يَصِحُّ إذا حُمِلَ على ظاهرِه (٣)؛ لأنَّ الجمعَ بينَهما لا مُنافاةَ فيه، وإنَّما وَافَقَ نسخَ عاشوراءَ صومُ فرضِ رمضانَ، ونسخَ سائرِ الصَّدقاتِ فرضُ الزَّكاةِ، فحَصَلَ النَّسخُ معه لا به.

(وَلَا) يَجُوزُ النَّسخُ (قَبْلَ عِلْمِ مُكَلَّفٍ) بالمأمورِ (بِهِ) لعدمِ الفائدةِ باعتقادِ الوجوبِ والعزمِ على الفعلِ.

(وَيَجُوزُ) النَّسخُ (فِي السَّمَاءِ وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- هُنَاكَ) كنسخِ الخمسينَ صلاةً بخمسٍ، فإِنَّه قد عَلِمَه واعتقدَ وجوبَه، فهو نسخٌ بالنِّسبةِ إليه -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنَّه مُكَلَّفٌ بذلك قطعًا، ثمَّ نُسخَ قبلَ أنْ يبلغَه.

ويَجُوزُ النَّسخُ أيضًا قبلَ الفعلِ بعدَ دخولِ الوقتِ إجماعًا، قال في «التَّمهيد»: ولا فرقَ عقلًا بينَ أن يَعصِيَ أو يُطيعَ (٤).

(وَ) كذا يَجُوزُ (قَبْلَ) دُخُولِ (وَقْتِ الفِعْلِ) على الصَّحيحِ، واستدلَّ له بما تَواتَرَ في الصَّحيحين وغيرِهما مِن نسخِ فَرضِ خمسين صلاةً في السَّماءِ


(١) ليس في «د».
(٢) ليس في «ع».
(٣) في «ع»: ظهره.
(٤) «التمهيد في أصول الفقه» للكَلْوَذاني (٢/ ٣٥٤).

<<  <   >  >>