للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والضَّربُ الثَّاني: ما عُقِلَ مَعناه، وأشارَ إليه بقولِه: (أَوْ لَا نَظِيرَ لَهُ) أي: لم يُوجَدْ ما يُساويه في العِلَّةِ، سواءٌ كانَ (لَهُ مَعْنًى ظَاهِرٌ) كرُخَصِ السَّفرِ للمَشَقَّةِ، (أَوْ لَا) مَعنًى له ظاهرٌ، كالدِّيةِ على العاقلةِ، فلا يَجري القِيَاسُ في ذلك؛ لتَعذُّرِ التَّعديةِ حينئذٍ.

(وَمَا خُصَّ مِنَ القِيَاسِ يَجُوزُ القِيَاسُ عَلَيْهِ) كقولِ أحمدَ فيمَن نَذَرَ ذبْحَ نفسِه: يَفدي نفسَه بكبشٍ. فقاسَ مَن نَذَرَ ذبْحَ نَفسِه على مَن نَذَرَ ذبْحَ وَلَدِه.

(وَ) ما خُصَّ مِن القِيَاسِ يَجُوزُ (قِيَاسُهُ عَلَى غَيْرِهِ) كتجويزِ الإمامِ أحمدَ شراءَ أرضِ السَّوادِ لا بيعَها، قال: استحسانٌ. واحتجَّ بتجويزِ (١) الصَّحابةِ شراءَ المصاحفِ لا بيعَها، وهو قولُ أصحابِنا وغيرِهم؛ لأنَّ الظَّنَّ الخاصَّ أرجحُ، ولهذا قُدِّمَ لأصلِه.

(٥) (وَ) مِن شرطِ حُكمِ الأصلِ أيضًا (كَوْنُهُ غَيْرَ فَرْعٍ) في ظاهرِ كلامِ الإمامِ أحمدَ، وقد قيلَ له: يَقِيسُ الرَّجُلُ بالرَّأيِ؟ فقالَ: لا، هو أن يَسمَعَ الحديثَ فيَقيسَ عليه، اختارَه القاضي وغيرُه، ثمَّ ذَكَرَ أنَّه يَجُوزُ أن يُستنْبَطَ مِن الفرعِ المُتوسِّطِ عِلَّةٌ ليسَتْ في الأصلِ، ويُقاسُ عليه.

وذَكَرَ أيضًا في مسألةِ القِيَاسِ جوازَ كونِ الشَّيءِ أصلًا لغيرِه في حُكمٍ، وفرعًا لغيرِه في حُكمٍ آخَرَ، لا في حُكمٍ واحدٍ.

قال أبو محمَّدٍ البغداديُّ: لأنَّه لا (٢) يُخِلُّ بنَظمِ القِيَاسِ وحقيقتِه (٣).


(١) زاد في «ع»: الإمام.
(٢) ليست في (د).
(٣) ينظر: «أصول الفقه» (٣/ ١١٩٦)، و «شرح الكوكب المنير» (٤/ ٢٥).

<<  <   >  >>