للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا وجهُ المنعِ فلأنَّ العِلَّةَ إنِ اتَّحَدَتْ فالوَسَطُ لغوٌ، كقولِ شافعيٍّ: السَّفَرْجَلُ مطعومٌ فيَكُونُ رِبَويًّا كالتُّفَّاحِ. ثمَّ يَقِيسُ التُّفَّاحَ على البُرِّ. وإنْ لم تَتَّحِدْ: فَسَدَ القِيَاسُ؛ لأنَّ الجامعَ بينَ الفرعِ الأخيرِ والمتوسِّطِ لم يَثْبُتْ اعتبارُه لثبوتِ الحكمِ في الأصلِ الأوَّلِ (١) بدونِه، والجامعُ بينَ المتوسِّطِ وأصلِه لَيْسَ في فرعِه كقولِ شافعيٍّ في الجُذامِ: عيبٌ يُفسَخُ به البيعُ، فكذا النِّكاحُ كالرَّتَقِ. ثمَّ يَقِيسُ الرَّتَقَ على الجَبِّ بفواتِ الاستمتاعِ.

(٦) (وَ) مِن شرطِ حُكمِ الأصلِ أيضًا كَونُه (مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الخَصْمَيْنِ) فإنْ كانَ أحدُهما يَمنَعُ حُكْمَ الأصلِ، فلا يُستَدَلُّ عليه بالقِيَاسِ فيه، وإنَّما شُرِطَ ذلك لئَلَّا يَحتاجُ القِيَاسُ عندَ المنعِ إلى إثباتِه، فيَكُونُ انتقالًا مِن مسألةٍ إلى أُخرى.

و (لَا) يُشتَرطُ اتِّفاقُ (الأُمَّةِ) على حُكمِ الأصلِ بل يَكفي اتِّفاقُ الخصمينِ عليه لحصولِ المقصودِ بذلك على الصَّحيحِ، (وَلَا) يُشتَرطُ (معَ) اتِّفاقِ الخصمينِ (اخْتِلَافُهُمَا) أي: اختلافُ الأُمَّةِ، وقِيلَ: يُشتَرطُ اتِّفاقُ الخصمينِ واختلافُ الأُمَّةِ، حَتَّى لا يَكُونَ مُجمَعًا عليه.

(وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقَا) أي: الخصمانِ على حُكمِ الأصلِ، ولم يَكُنْ مُجمَعًا عليه (فَأَثْبَتَ المُسْتَدِلُّ حُكْمَهُ) أي: حُكمَ الأصلِ (بِنَصٍّ، ثُمَّ أَثْبَتَ العِلَّةَ) بأحدِ طُرُقِها الآتيةِ، (قُبِلَ) منه استدلالُه في الأصحِّ، ونَهَضَ دليلُه على الخصمِ على الصَّحيحِ؛ لأنَّه لو لم يُقبَلْ مِن المُستدلِّ لم يُقبَلْ منه مُقدِّمَةٌ يُثبِتُها بعدَ مَنعِ خصمِه، فلا يُقَبَلُ إلَّا البديهيُّ.


(١) ليست في «د».

<<  <   >  >>