للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكقولِ حنفيٍّ في نجاسةِ غيرِ السَّبيلِ: خارجٌ نجسٌ، فنَقَضَ كالسَّبيلِ، ثمَّ أَثْبَتَ العِلَّةَ بما يُروى مِن قولِه: «مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ فَلْيَتَوَضَّأْ» (١) لأنَّه تطويلٌ بلا فائدةٍ، ورجوعٌ عن القِيَاسِ لثبوتِ الحُكمِ بدليلِها لا بنَفْسِها، فلم يَثْبُتِ الحُكمُ بالقِيَاس.

قال العَضُدُ (٢): لنا أنَّه يُمكِنُ إثباتُ الفرعِ بالنَّصِّ كما يُمكِنُ إثباتُ الأصلِ به، فالعدولُ عنه إلى إثباتِ الأصلِ، ثمَّ العِلَّةِ، ثمَّ بيانِ وجودِها في الفرعِ، ثمَّ بيانِ ثبوتِ الحكمِ تطويلٌ بلا فائدةٍ.

(١٠) (وَ) مِن شُروطِها: (أَنْ تَتَعَيَّنَ) في الأصحِّ، خلافًا لمنِ اكتفى بشيوعِها مُتَعَلِّقًا بقولِ عمرَ -رضي الله عنه-: «اعرفِ الأشباهَ والنَّظائرَ، وقِسِ الأمورَ برأيِك» (٣). فعلى هذا يَكفي كونُ الشَّيءِ مُشْبِهًا للشَّيءِ شَبَهًا ما، لكنْ أطبقَ الجماهيرُ على فسادِه، وأجمعَ السَّلَفُ على أنَّه لا بُدَّ في الإلحاقِ منَ الاشتِراكِ بوصفٍ خاصٍّ، أما التَّعليلُ بأحدِ أمرينِ أو ثلاثةٍ ونحوِ ذلك مِن المحصورِ؛ فلا يَمتنِعُ، كما لو مَسَّ الرَّجُلُ مِن الخُنثى فرجَ الرَّجلِ، أو المرأةُ مِن الخُنثى فرجَ النِّساءِ، فإِنَّه يَنتقضُ وُضوءِ الماسَّينِ؛ لأنَّه (٤) إمَّا مسُّ فرجٍ أو مَسٌّ لشهوةٍ.

(١١) (وَ) مِن شروطِ العِلَّةِ (ألَّا تَكُونَ وَصْفًا مُقَدَّرًا) أي: مفروضًا، لا حقيقةَ له، كتعليلِ جوازِ التَّصرُّفِ بالبيعِ ونحوِه بالمِلكِ، فلا يَجُوزُ التَّعليلُ


(١) رواه ابن ماجه (١٢٢١) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، ورواه الدارقطني (٥٦٧) مرسلًا، وقال: وأصحاب ابن جريج الحفاظ عنه يروونه عن ابن جريج، عن أبيه، مرسلًا.
والرعاف: دم يخرج من الأنف.
(٢) «بيان المختصر» (٣/ ٤٠٥).
(٣) رواه الدارقطني (٤٤٧١)، والبيهقي (١٠/ ٢٥٢) في كتاب عمر لأبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما-.
(٤) ليس في «د».

<<  <   >  >>