للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأُولى: أنْ تَكُونَ في كلامِ الشَّارِعِ داخلةً على العِلَّةِ، والحُكْمُ مُقَدَّمٌ (١)، كقولِه -صلى الله عليه وسلم- في المحرِمِ الَّذِي وَقَصَتْه راحلتُه: «فَإِنَّهُ يُبْعَثُ» (٢).

الثَّانيةُ: أنْ يَدخُلَ في كلامِ الشَّارِعِ على الحُكْمِ، نحوُ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} (٣).

فائدةٌ: قال الإمامُ الرَّازيُّ (٤): تقديمُ العِلَّةِ ثمَّ مجيءُ الحكمِ بالفاءِ أقوى مِن عكسِه؛ لأنَّ إشعارَ العِلَّةِ بالمعلولِ أقوى مِن إشعارِ المعلولِ بالعِلَّةِ؛ لأنَّ الطَّردَ واجبٌ في العللِ دونَ العكسِ.

الثَّالثةُ: أنْ تَكُونَ الفاءُ مِن كلامِ الرَّاوي، ولا تَكُونَ إلَّا داخلةً على الحُكمِ، والعِلَّةُ ما قَبْلَها، نحوُ: «سَهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَسَجَدَ»، فإذا رَتَّبَ الشَّارِعُ حُكمًا عَقِبَ وصفٍ بالفاءِ كما تَقَدَّمَ، (فَإِنَّهَا) تُفِيدُ تعقيبَ (٥) الحكمِ الوصفَ، فهي (لِلتَّعْقِيبِ ظَاهِرًا، وَيَلْزَمُ مِنْهُ) أي: من التَّعقيبِ (السَّبَبِيَّةُ) إذِ السَّببُ ما ثَبَتَ الحكمُ عَقِبَه، ولهذا تُفهَمُ السَّبَبيَّةُ معَ عدمِ المناسبةِ، كـ «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» (٦)، فهذا يُفيدُ العِلَّةَ بالإيماءِ على الصَّحيحِ، وسواءٌ كانَ الرَّاوي صحابيًّا أو فقيهًا أو لا، لكنَّه إذا كانَ كذلك كانَ أقوى.


(١) في «د»: متقدم.
(٢) رواه البخاري (١٢٦٥)، ومسلم (١٢٠٦) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٣) النور: ٢.
(٤) «المحصول» (٢/ ٣٠٢).
(٥) في «ع»: تعقب.
(٦) رواه أبو داود (١٨١)، والترمذي (٨٢)، والنسائي (٤٤٧)، وابن ماجه (٤٧٩)، وابن حبان (١١١٦) من حديث بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ -رضي الله عنها-.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

<<  <   >  >>