للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢) (وَ) مِن أنواعِ الإيماءِ: (تَرَتُّبُ حُكْمٍ عَلَى وَصْفٍ بِصِيغَةِ الجَزَاءِ) يَدُلُّ على التَّعليلِ به كقولِه تَعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (١) أي: لتَقْوَاه، وقولِه تَعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} (٢)، فإنَّ الجزاءَ يَتَعَقَّبُ شرطَه ويُلازِمُه، ولا مَعنى للسَّببِ إلَّا ما يَسْتَعْقِبُ الحُكمَ ويُوجَدُ بوجودِه.

(٣) (وَ) مِن أنواعِه: (ذِكْرُ حُكْمٍ) مِنَ الشَّارِعِ (جَوَابًا لِسُؤَالٍ، لَوْ لَمْ يَكُنِ) السُّؤالُ (عِلَّتَهُ) أي: عِلَّةَ الحُكمِ لـ (كَانَ اقْتِرَانُهُ بِهِ) أي: اقتِرانُ السُّؤالِ بالحُكمِ (بَعِيدًا شَرْعًا وَلُغَةً، وَلَتَأَخَّرَ البَيَانُ عَنْ وَقْتِ الحَاجَةِ كَقَوْلِ الأَعْرَابِيِّ) له -عليه السلام- فيما أَخرَجَه السِّتَّةُ (٣) ولفظُ ابنِ ماجه: (وَاقَعْتُ أَهْلِي (٤) فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ) له -عليه السلام-: («أَعْتِقْ رَقَبَةً») فكأنَّه قِيلَ: إذا وَاقَعْتَ في رمضانَ فكفِّرْ؛ لأنَّ الظَّاهرَ كونُه جوابًا، والسُّؤالُ مُعادٌ فيه فيَكُونُ موجودًا تقديرًا، وأيضًا لو كانَ المُرادُ غيرَ ذلك كانَ يَلْزَمُ خُلُوُّ السُّؤالِ عنِ الجوابِ وتأخيرُ البيانِ عن وقتِ الحاجةِ.

(وَيُسَمَّى) هذا النَّوعُ (إِنْ حُذِفَ) منه (بَعْضُ الأَوْصَافِ: تَنْقِيحَ المَنَاطِ) يعني: إنْ حُذِفَ شيءٌ مِن الأوصافِ المُرَتَّبِ عليها الجوابُ لكَوْنِه لا مدخلَ له في العِلَّةِ كـ ذلك الشَّهرِ، أو كونِه أعرابيًّا أو زيدًا، وكَوْنِ المُجامَعةِ زوجةً وغيرَها، سُمِّيَ إخراجُ ذلك عنِ الاعتبارِ تنقيحَ المناطِ، أي: تنقيحَ ما نَاطَ به حُكْمُ الشَّارِعِ، فالتَّنقيحُ لغةً: التَّخليصُ والتَّهذيبُ، والمناطُ: مَفْعَلٌ


(١) الطلاق: ٢.
(٢) الأحزاب: ٣١.
(٣) رواه البخاري (١٩٣٦)، ومسلم (١١١١)، وأبو داود (٢٣٩٠)، والترمذي (٧٣٣)، والنسائي في «الكبرى» (٣١٠١)، وابن ماجه (١٦٧١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٤) قوله: واقعت أهلي. في «مختصر التحرير» (ص ٢٠٧): وقعت على.

<<  <   >  >>