للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَإِنِ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ جِنْسَهُ) أي: جنسَ الوصفِ المناسبِ (البَعِيدَ فِي جِنْسِ الحُكْمِ؛ فَمُرْسَلٌ مُلَائِمٌ) وهو القسمُ الرَّابعُ مِن أقسامِ (١) المُناسبِ المُعَلَّلِ به كتعليلِ قليلِ الخمرِ، بأنْ يَدعُوَ إلى كثيرِها، فجنسُه البعيدُ مُعتَبَرٌ في جنسِ الحُكْمِ، كتحريمِ الخَلْوَةِ بتحريمِ الزِّنا.

(وَلَيْسَ) المُرسلُ الملائمُ (بِحُجَّةٍ) عندَ الأكثرِ؛ لأنَّه لم يَشهَدِ الشَّارِعُ باعتبارِه وإلغائِه، فلا بدَّ مِن شاهدٍ قريبٍ بالاعتبارِ،

(وَإِلَّا) بأنْ لم يَعتَبِرِ الشَّارِعُ جنسَ الوصفِ البعيدِ في جنسِ الحُكمِ، (فَـ) نوعانِ: (مُرْسَلٌ غَرِيبٌ، أَوْ مُرْسَلٌ ثَبَتَ) أي: عُلِمَ مِن الشَّارِعِ (إِلْغَاؤُهُ) معَ أنَّه مُستحيلُ المُناسبةِ، ولا يَجُوزُ التَّعليلُ به.

مثالُ الغريبِ المرسلِ: التَّعليلُ بالفعلِ المُحَرَّمِ لغرضٍ فاسدٍ في قياسِ الباتِّ في مَرَضِه على القاتلِ في الحُكمِ بالمُعارضةِ بنقيضِ مَقصودِه، وصارَ توريثُ المبتوتةِ كحِرمانِ القاتلِ، وإنَّما كانَ غريبًا مُرسلًا لأنَّه لم يَعتبَرِ الشَّارِعُ عينَ الفعلِ المُحَرَّمِ لغرضٍ فاسدٍ في عينِ المُعارضةِ بنقيضِ المقصودِ بترتيبِ الحُكْمِ عليه، ولم يَثبُتْ بنصٍّ أو إجماعٍ اعتبارُ عينِه في جنسِ المُعارضةِ بنقيضِ المقصودِ، ولا جنسٍ في عينِها، ولا جنسٍ في جِنسِها.

ومثالُ المُلغى: إيجابُ صومِ شهرينِ ابتداءً في الظِّهارِ أو الوطءِ في رمضانَ على مَن يَسهُلُ عليه العتقُ، كما أَفْتى به بعضُ العلماءِ.

(وَهُمَا) أي: المُرسلُ الغريبُ والَّذي ثَبَتَ إلغاؤُه (مَرْدُودَانِ) الأوَّلُ عندَ الأكثرِ والثَّاني بالإجماعِ.


(١) ليس في «د».

<<  <   >  >>