للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ِ منه (١)، أو يَقولُ: نُقِلَ عنِ ابنِ عمرَ -رضي الله عنهما- في جماعةٍ مِن الصَّحابةِ -رضي الله عنهم- أنَّهم كانوا يَرفعون أيديَهم ولم يُنكِرْه مُنكرٌ، فيَكُونُ إجماعًا سُكوتيًّا، وقياسُك فاسدُ الاعتبارِ لمخالفتِه النَّصَّ أو الإجماعَ.

الأمرُ الثَّاني: أنْ يُبدِيَ المُعتَرضُ في فرعِ قياسِ المُستدلِّ وصفًا يَمنَعُ ثبوتَ الحكمِ فيه أو يمنعُ كونَ وصفِ المُستدلِّ سببًا لثبوتِ الحكمِ، مثالُ مَنعِ الحكمِ: أنْ يَقُولَ المستدلُّ في المثالِ المذكورِ: ركنٌ فلا يُشرَعُ فيه رفعُ اليدِ كالسُّجودِ، فيَقولُ المُعتَرضُ: ركنٌ فيُشرَعُ فيه رفعُ اليدينِ كالإحرامِ، فقد مَنَعَ الحُكمَ وهو عدمُ (٢) مشروعيَّةِ رفعِ اليدينِ وقاسَه على أصلٍ آخَرَ وهو حقيقةُ القلبِ، وهو نوعُ معارضةٍ.

ومثالُ مَنعِ السَّببيَّةِ: أن يَقُولَ الحنبليُّ في المُرتدَّةِ: بَدَّلَتْ دينَها فتُقتلُ كالرَّجُلِ، فيَقولَ الحنفيُّ: أُنثى فلا تُقتَلُ بكفرِها كالكافرةِ الأصليَّةِ، فيُبَيِّنَ أنَّ تبديلَ الدِّينِ لَيْسَ سببًا لقتلِ المرأةِ (٣).

تنبيهٌ: المعنى بالمُعارضةِ إذا أُطلِقَتْ أن يَقُولَ المُعتَرضُ للمُستدلِّ: ما ذَكَرْتَه مِن الوصفِ، فإنِ اقتضى ثبوتَ الحكمِ في الفرعِ فعندي وصفٌ آخَرُ يَقتضي نقيضَه فيَتَوَقَّفُ دليلُك ولا بُدَّ مِن بنائِه على أصلٍ جامعٍ يُثبِتُ عِلِّيَّتَه، وله الاستدلالُ في إثباتِ عِلِّيَّتِه بأيِّ مسلكٍ مِن مسالكِ العِلَّةِ شاءَ على نحوِ طُرقِ إثباتِ المُستدلِّ للعِلِّيَّةِ، فينقلبُ المُعتَرضُ مستدلًّا على إثباتِ المعارضةِ والمُستدلُّ مُعتَرضًا عليها بما أمكنَ مِن الأسئلةِ فتنقلبُ الوظيفتانِ.


(١) رواه البخاري (٧٣٥)، ومسلم (٣٩٠) عن ابن عمر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا.
(٢) من «شرح مختصر الروضة».
(٣) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٥٤٠).

<<  <   >  >>