للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المُعتَرضِ لجوازِ أنْ يَكُونَ الصَّوابُ في الاستيعابِ كما هو مذهبُ أحمدَ ومالكٍ، أو إجزاءَ ما يُسَمَّى مَسْحًا كما هو مذهبُ الشَّافعيِّ -رضي الله عنهم-.

(أَوْ لُزُومًا) بأنْ يُبْطِلَه بطريقِ الالتزامِ (كَـ) قولِ الحنفيِّ في (بَيْعِ غَائِبٍ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَيَصِحُّ معَ جَهْلِ العِوَضِ (١) كَالنِّكَاحِ) فإِنَّه يَصِحُّ معَ جهلِ الزَّوجِ بصورةِ الزَّوجةِ، وكونِه لم يَرَها، فكذلك في البيعِ بجامعِ كَوْنِهما عقدَ معاوضةٍ، (فَيُقَالُ) مِن المُعتَرضِ: هذا الدَّليلُ يَنقلِبُ بأنَّه عقدُ معاوضةٍ (فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (٢) كَالنِّكَاحِ) فإنَّ الزَّوجَ إذا رأى الزَّوجةَ لم تُعجِبْه لم يَجُزْ له فسخُ النِّكاحِ، فكذلك المشتري لا يَكونُ له خيارٌ إذا رأى المبيعَ في بيعِ الغائبِ بمُقتضى الجامعِ المذكورِ. والخصمُ لم يُصَرِّحْ ببطلانِ مذهبِ المستدلِّ، لكنَّه دَلَّ على بطلانِه ببطلانِ لازمِه عندَ الخصمِ وهو خيارُ الرُّؤيةِ.

(فَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ انْتَفَى المَلْزُومُ) فإنَّ أبا حنيفةَ يُجِيزُ بيعَ الغائبِ بشرطِ ثُبوتِ الخيارِ للمُشتَري إذا رآه، وإذا بَطَلَ هذا الشَّرطُ بمُوجبِ قياسِه على النِّكاحِ بَطَلَ مشروطُه، وهو صِحَّةُ البيعِ.

(وَ) يلْحَقُ بذلك (قَلْبُ المُسَاوَاةِ، كَـ) ـما لو قالَ الحنفيُّ في (الخَلِّ: مَائِعٌ طَاهِرٌ مُزِيلٌ) للعينِ والأثرِ، فتَحصُلُ به الطَّهارةُ (كَالمَاءِ، فَيُقَالُ) مِن المُعتَرضِ: فـ (يَسْتَوِي فِيهِ الحَدَثُ وَالخَبَثُ، كَالمَاءِ) إذ يَلْزَمُ مِن التَّسويَةِ في الخلِّ بينَ طهارةِ الحدثِ والخبثِ أنَّه لا يُزيلُ النَّجاسةَ كما أنَّه لا يَرفَعُ الحدثَ تسويةً بينَهما فيه.

(وَمِنْهُ) أي: مِن القلبِ: (جَعْلُ مَعْلُولٍ عِلَّةً وَعْكَسُهُ) أي: جعلُ عِلَّةٍ


(١) في «مختصر التحرير» (ص ٢٣٩): المعوض.
(٢) في «مختصر التحرير» (ص ٢٣٩): رؤية.

<<  <   >  >>