للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَحدَه، وكتبُ الفقهِ مشحونةٌ بذلك، بل لا يَكادُ يُوجَدُ ذِكرُ المُقدِّمتَينِ في قياسٍ إلَّا نادرًا قصدًا للاختصارِ والاشتهارِ أو للقرينةِ ونحوِها، فلهذا قالَ: (وَيُجَابُ فِي الكُلِّ) أي: الأنواعِ الثَّلاثةِ (بِقَرِينَةٍ، أَوْ عَهْدٍ، وَنَحْوِهِ).

فائدةٌ: ذَكَرَ الطُّوفِيُّ أنَّ مَوْرِدَ القولِ بالموجَبِ أي المحلِّ الَّذِي يَرِدُ فيه مِن الأحكامِ أو مِن الدَّعاوى إمَّا النَّفيُ أو الإثباتُ، ثمَّ قالَ: وأجودُ مِن هذا أنْ يُقالَ: القولُ بالمُوجَبِ إمَّا أن يَرِدَ من المُعْتَرِضِ دَفعًا عن مذهبِه، أو إبطالًا لمذهبِ المستدلِّ باستيفاءِ الخلافِ معَ تسليمِ مُقتضى دليلِه (١).

إذا عَرَفْتَ ذلك، فمثالُ القولِ بالموجَبِ (٢) في النَّفيِ: التَّفاوُتُ في الآلةِ لا يَمنَعُ القصاصَ كما تَقَدَّمَ، (وَ) مثالُه (فِي الإِثْبَاتِ كَـ) أنْ يَقُولَ الحنفيُّ في وجوبِ الزَّكاةِ فِي (الخَيْلِ: حَيَوَانٌ يُسَابَقُ عَلَيْهِ، فَـ) تَجِبُ (فِيهِ الزَّكَاةُ كَالإِبِلِ (٣)، فَيُقَالُ) أي: فيَقُولُ المُعتَرضُ: أقولُ (بِمُوجَبِهِ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ (٤) يعني تَجِبُ فيها زكاةُ القيمةِ إذا كانَتْ للتِّجارةِ، (فَيُجَابُ) مثلُ هذا (بِلَامِ العَهْدِ) بأن يَقُولَ المُستدلُّ: النِّزاعُ إِنَّمَا كانَ في زكاةِ العينِ، وقد عُرِّفَتِ الزَّكاةُ باللَّامِ فيَنصرِفُ إلى مَحَلِّ النِّزاعِ المعهودِ، وهو زكاةُ العينِ، فالعُدُولُ إلى زكاةِ القيمةِ لا يُسمَعُ؛ لأنَّه تركٌ لمدلولٍ إلى غيرِه، (وَالسُّؤَالُ عَنْ زَكَاةِ السَّوْمِ) فقِيلَ: لا يَصِحُّ هذا المثالُ لوجوبِ استقلالِ العِلَّةِ بلَفظِها، (وَيَصِحُّ فِي قَوْلِ) الموفَّقِ وغيرِه.

قالَ ابنُ مُفلحٍ: أمَّا مثلُ قولهِ في إزالةِ النَّجاسةِ بالخلِّ: «مَائِعٌ كالمرقِ» فيُقالُ بموجَبِه في خلٍّ نجسٍ؛ فلا يَصِحُّ (٥).


(١) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٥٥٨).
(٢) في «ع»: في الموجب.
(٣) في «مختصر التحرير» (ص ٢٤٢): كإبل.
(٤) ليس في «د».
(٥) «أصول الفقه» (٣/ ١٤٠٧).

<<  <   >  >>