للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالموجبِ، وذلك (كَـ) أنْ يَقُولَ الحنبليُّ في وجوبِ نِيَّةِ الوضوءِ: (كُلُّ قُرْبَةٍ شَرْطُهَا النِّيَّةُ) يَعني: كلُّ ما كانَ قُربةً اشتُرِطَ فيه النِّيَّةُ كالصَّلَاةِ (وَيُسْكَتُ عَنْ) قولِه: (وَالوُضُوءُ قُرْبَةٌ، فَيُقَالُ) أي: فإذا اعترضَ بالقولِ بالموجبِ، قالَ: هذا مُسَلَّمٌ (أَقُولُ بِمُوجَبِهِ، وَلَا يُنْتِجُ) ذلك، فمَن أين يَلْزَمُ اشتراطُ النِّيَّةِ في الوضوءِ؟ وإنَّما وَرَدَ هذا لكَوْنِ الصُّغرى محذوفةً. (وَلَوْ ذَكَرَهَا) المستدلُّ (لَمْ) يَتَوَجَّهْ للمُعتَرضِ اعتِراضٌ بالقولِ بالموجَبِ وَلَمْ (يُرِدْ إِلَّا مَنْعَهَا) بأنْ يَقُولَ له: لا أُسَلِّمُ أنَّ الوضوءَ قُربةٌ.

تنبيهٌ: لَيْسَ في هذا النَّوعِ انقطاعٌ لأحدِ المتناظرينِ لاختلافِ مُرادِهما؛ لأنَّ مرادَ المستدلِّ أنَّ الصُّغرى وإنْ كانَتْ محذوفةً لفظًا، فإنَّها مذكورةٌ تقديرًا، والمجموعُ يُفيدُ المطلوبَ، ومرادُ المُعتَرضِ أنَّ المذكورَ لَمَّا كانَتِ الكُبرى وَحدَها وهي لا تُفيدُ المطلوبَ تَوَجَّهَ الاعتِراضُ بخِلافِ النَّوعينِ الأَوَّلَينِ، ففيهما انقطاعٌ لأحدِهما؛ لأنَّ المستدلَّ إنْ أَثْبَتَ ما ادَّعاه انقطعَ المُعتَرضُ.

(وَجَوَابُ) النَّوعِ (الأَوَّلِ: بِأَنَّهُ) أي: المستنتجَ (مَحَلُّ النِّزَاعِ أَوْ لَازِمُهُ) أي: مستلزمٌ لمحلِّ النِّزاعِ، مثلُ أنْ يَقُولَ حنبليٌّ: لا يَجُوزُ قتلُ المسلمِ بالذِّمِّيِّ قياسًا على الحربيِّ، فيُقالُ بمُوجَبِه؛ لأنَّه يَجِبُ قتلُه به، وقولُكم: لا يَجُوزُ نفيٌ للإباحةِ الَّتي مَعناها استواءُ الطَّرفَينِ، ونفيُها لَيْسَ نفيًا للوجوبِ ولا مُستلزمًا له، فيَقُولُ الحنبليُّ: أعني: بـ «لا يَجُوزُ» تحريمُه، ويَلْزَمُ منه عدمُ الوجوبِ.

(و) جوابُ النَّوعِ (الثَّانِي) بأنْ يُبَيِّنَ المستدلُّ في المُستنتَجِ (أَنَّهُ المَأْخَذُ) أي: مأخذُ الخصمِ بالنَّقلِ عن أئمَّةِ المذهبِ (لِشُهْرَتِهِ).

(و) جوابُ النَّوعِ (الثَّالثِ: بِجَوَازِ الحَذْفِ) للمُقدِّمةِ الصُّغرى عندَ العِلمِ بالمحذوفِ والمحذوفُ مرادٌ ومعلومٌ، والدَّليلُ هو المجموعُ لا المذكورُ

<<  <   >  >>