للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَفِيهِ) أي: المراءِ والجدلِ (غَلْقُ بَابِ الفَائِدَةِ، وَفِي المُجَالَسَةِ لِلْمُنَاصَحَةِ فَتْحُهُ) وفي «فنونِ» ابنِ عقيلٍ: قالَ بعضُ مشايخِنا المُحقِّقينَ: إذا كانَتْ مجالسُ النَّظرِ مَشحونةً بالمُحاباةِ لأربابِ المناصبِ تَقَرُّبًا، وللعَوَامِّ تَخَوُّنًا، وللنُّظراءِ تَعَمُّلًا وتَجَمُّلًا، ثمَّ إذا لاحَ دليلٌ خَوَّنْتُمُ اللَّائِحَ وأَطفَأْتُم مصباحَ الحقِّ، هذا واللهِ الإياسُ مِن الخيرِ مُصيبةٌ عَمَّتِ العقلاءَ في أديانِهم، وتَركُ المحاباةِ في أَموالِهم، ما ذاك إلَّا لأنَّهم لم يَشُمُّوا رِيحَ اليقينِ.

(وَ) أمَّا (مَا يَقَعُ) مِن الجدلِ (بَيْنَ أَرْبَابِ المَذَاهِبِ أَوْفَقُ مَا يُحْمَلُ الأَمْرُ فِيهِ بِأَنْ يَخْرُجَ مَخْرَجَ الإِعَادَةِ وَالدَّرْسِ) قاله ابنُ هُبَيْرَةَ (١).

(فَأَمَّا اجْتِمَاعُ) جَمْعٍ (مُتَجَادِلِينَ) في مسألةٍ (كُلٌّ مِنْهُمْ لَا يَطْمَعُ أَنْ يَرْجِعَ إِنْ ظَهَرَتْ حُجَّةٌ، وَلَا فِيهِ مُؤَانَسَةٌ وَمَوَدَّةٌ وَتَوْطِئَةُ القُلُوبِ لِوَعْيِ حَقٍّ) بل هو على الضِّدِّ فتَكَلَّمَ فيه العلماءُ وهو (مُحْدَثٌ (٢) مَذْمُومٌ) وعليه يُحمَلُ ما رَوَاه أحمدُ (٣) والتِّرمذيُّ (٤) وصَحَّحَه عن أبي غالبٍ وهو مُختلَفٌ فيه عن أبي أُمامَةَ مرفوعًا: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الجَدَلَ -ثُمَّ تَلَا-: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا} (٥)».

وللتِّرمذيِّ عن ابنِ عبَّاسٍ مرفوعًا: «لَا تُمَارِ أَخَاكَ» (٦).


(١) ينظر: «أصول الفقه» (٣/ ١٤١٣)، و «شرح الكوكب المنير» (٤/ ٣٦٦).
(٢) في «مختصر التحرير» (ص ٢٤٤): فمحدث.
(٣) «مسند أحمد» (٢٢٥٩٤).
(٤) «جامع الترمذي» (٣٢٥٣) وقال: حسن صحيح.
(٥) الزخرف: ٥٨.
(٦) «جامع الترمذي» (١٩٩٥) وقال: غريب.

<<  <   >  >>