للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ في «الواضح»: وكلُّ جدلٍ لم يَكُنِ الغرضُ فيه نصرةُ الحقِّ، فإِنَّه وبالٌ على صاحبِه، والمَضَرَّةُ فيه أكثرُ مِن المنفعةِ؛ لأنَّ المخالفةَ تُوحِشُ (١).

(وَلَوْلَا مَا يَلْزَمُ مِنْ إِنْكَارِ البَاطِلِ وَاسْتِنْقَاذِ الهَالِكِ بِالِاجْتِهَادِ فِي رَدِّهِ عَنْ ضَلَالَتِهِ لَمَا حَسُنَ) الجدلُ؛ (لِلْإِيحَاشِ) فيه (غَالِبًا، وَلَكِنْ (٢) فِيهِ أَعْظَمُ المَنْفَعَةِ معَ قَصْدِ نُصْرَةِ الحَقِّ) بِهِ (أَوْ) معَ قَصْدِ (التَّقَوِّي عَلَى الِاجْتِهَادِ)، و (لَا) منفعةَ فيه معَ قَصْدِ (المُغَالَبَةِ وَبَيَانِ الفَرَاهَةِ نَعُوذُ بِاللهِ) تَعَالَى (مِنْهُمَا)، ويَنبغي أنْ يَجْتَنِبَه (فَإِنَّ طَلَبَ الرِّيَاسَةِ فِي التَّقَدُّمِ بِالعِلْمِ يُهْلِكُ).

(وَالمُعَوَّلُ فِيهِ) أي: الجدلِ (عَلَى إِظْهَارِ الحُجَّةِ وَإِبْطَالِ الشُّبْهَةِ فَيُرْشِدُ المُسْتَرْشِدَ وَيُحَذِّرُ المُنَاظِرَ).

قالَ ابنُ الجَوزيِّ في قولِه تَعالى: {فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ} (٣) أي: في الذَّبائحِ؛ أي: فلا تُنَازِعْهم، ولهذا قالَ: {وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} (٤)، وهذا أدبٌ حَسنٌ عَلَّمَه اللهُ تَعَالَى عبادَه ليَرُدُّوا به مَن جادَلَ تَعَنُّتًا ولا يُجِيبُوه (٥).

(فَلَوْ بَانَ لَهُ) أي: المجادلِ (سُوءُ قَصْدِ خَصْمِهِ: تَوَجَّهَ تَحْرِيمُ مُجَادَلَتِهِ) وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ كدُخولِ مَن لا جُمُعَةَ عليه في البيعِ معَ مَن تَلْزَمُه.

(وَيَبْدَأُ كُلٌّ مِنْهُمَا) [أي: مِن أَدَبِ الجدلِ أنْ يَبْدَأَ كلُّ واحدٍ مِن المتجادلَينِ] (٦) (بِحَمْدِ اللهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ) -عز وجل-؛ لحديثِ: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ

لَمْ يُبْدَأْ فِيهِ


(١) «الواضح في أصول الفقه» (١/ ٥١٧).
(٢) في «مختصر التحرير» (ص ٢٤٤): لكن.
(٣) الحج: ٦٧.
(٤) الحج: ٦٨.
(٥) «زاد المسير» (٣/ ٢٤٩).
(٦) ليس في «د».

<<  <   >  >>