للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثَّاني: قالَ القَرَافِيُّ في «شرح التنقيح»: حكايةُ الخلافِ أنَّه -عليه الصلاة والسلام- كانَ مُتعبِّدًا بشرعِ مَن قَبْلَه يَجِبُ أنْ يَكُونَ مَخصوصًا بالفروعِ دونَ الأصولِ، فإنَّ قواعدَ العقائدِ كانَ النَّاسُ (١) مُكَلَّفِينَ بها إجماعًا، ولذلك كانَ مَوتاهم في النَّارِ إجماعًا، لولا التَّكليفُ ما كانوا في النَّارِ، فهو -عليه الصلاة والسلام- مُتَعَبَّدٌ (٢) بشرعِ مَن قبْلَه، فالخلافُ في الفروعِ خاصَّةً، فعمومُ إطلاقِ العلماءِ مخصوصٌ بالإجماعِ.

(وَتَعَبَّدَ) -صلى الله عليه وسلم- (أَيْضًا بِهِ) أي: بشرعِ مَن قَبْلَه (بَعْدَهَا) أي: بعدَ البعثةِ عندَ الجمهورِ؛ أي: بما لم يُنسَخْ، (فَـ) على هذا شَرْعُ مَن قَبْلَنا (هُوَ شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يُنْسَخْ) وعليه الأكثرُ، ووجهُه قولُه تَعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (٣)، والشَّريعةُ مِن الهُدَى.

قالَ القاضي: من حيثُ صارَ شرعًا لنَبِيِّنا لا مِن حيثُ صارَ شرعًا لمَن قَبْلَه (٤).

(وَمَعْنَاهُ) أي: مَعنى شرعِ مَن قَبْلَنا شَرعٌ لنا (في قولٍ) للبِرْماوِيِّ (أَنَّهُ) -عليه السلام- (مُوَافِقٌ) لشرعِ مَن قَبْلَه (لَا مُتَابِعٌ) له.

والقولُ الثَّاني: أنَّه شَرعٌ لم يُنسَخْ، فيَعُمُّنا لفظًا. وقال الشَّيخُ: يَعُمُّنا عقلًا؛ لتساوي الأحكامِ، وهو الاعتبارُ المذكورُ في قصصِهم، فيَعُمُّنا حكمًا (٥).


(١) زاد بعده في «تنقيح الفصول» (١/ ٢٩٧): في الجاهلية.
(٢) في «ع»: متعبدًا. والمثبت من (د)، و «شرح تنقيح الفصول» وفيه: بفتح الباء بمعنى مكلف.
(٣) الأنعام: ٩٠
(٤) «العدة في أصول الفقه» (٣/ ٧٥٣).
(٥) «المسودة في أصول الفقه» (ص ١٨٦).

<<  <   >  >>