للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديثِ ليَطرَحَ الضَّعيفَ، حيثُ لا يَكُونُ في فضائلِ الأعمالِ، ويَطرَحَ الموضوعَ مُطلقًا، وعِلمُه أيضًا بحالِ الرُّواةِ في القوَّةِ والضَّعفِ، ليَعلَمَ ما يَنجَبِرُ مِن الضَّعفِ بطريقٍ آخَرَ.

(وَلَوْ) كانَ عِلمُه بذلك (تَقْلِيدًا) لغيرِه من غيرِ اجتهادٍ (كنَقْلِهِ) ذلك (مِنْ كِتَابٍ صَحِيحٍ) من كتبِ الحديثِ ارتَضَى الأئمَّةُ روايتَه كالصَّحيحينِ و «مسندِ مالكٍ» وأحمدَ وأبي داودَ ونحوِهم؛ لأنَّ ظَنَّ الصِّحَّةِ يَحصُلُ بذلك، وإنْ كانَ معرفةُ ذلك بالاجتهادِ أعلى رُتبةً من التَّقليدِ لتحصيلِه مِن الظَّنِّ أكثرَ.

(وَ) شرطُه أيضًا أنْ يَعرِفَ (مِنَ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ مَا) أي: قَدْرًا (يَكْفِيهِ فِي) مَعرفةِ (مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا) أي: بالكتابِ والسُّنَّةِ (مِنْ نَصٍّ وَظَاهِرٍ، وَمُجْمَلٍ وَمُبَيَّنٍ، وَحَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ، وَأَمْرٍ وَنَهْيٍ، وَعَامٍّ وَخَاصٍّ، وَمُسْتَثْنًى وَمُسْتَثْنًى مِنْهُ، وَمُطْلَقٍ وَمُقَيَّدٍ، وَدَلِيلِ الخِطَابِ، وَنَحْوِهِ) كفحوى الخطابِ ولحنِه ومفهومِه؛ لأنَّ بعضَ الأحكامِ يَتَعَلَّقُ بذلك ويَتَوَقَّفُ عليه تَوَقُّفًا ضروريًّا كقولِه -عليه السلام-: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» (١) الرِّواية بالرَّفعُ، وهو يَقتضي نفيَ الإرثِ عمَّا تَرَكوه للصَّدقةِ، ومفهومُه أنَّهم يُورَثون غيرَه مِن الأموالِ، حَتَّى إنَّهم بناءً على ذلك ظَلَمُوا أبا بكرٍ -رضي الله عنه- وشَنَّعوا عليه بأنَّه مَنَعَ فاطمةَ حَقَّها.

وكقولِه -عليه السلام-: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» (٢) رَوَاه الشِّيعةُ بالنَّصبِ: أبا بكرٍ وعمرَ على النِّداءِ (٣)؛ أي: يا أبا بكرٍ، فعلى روايةِ الجرِّ هما مُقْتَدًى (٤) بهما، وعلى روايةِ النَّصبِ: هما مُقتدِيان بغيرِهما،


(١) رواه البخاري (٣٠٩٣)، ومسلم (١٧٥٩).
(٢) رواه الترمذي (٣٦٦٢) من حديث حذيفة -رضي الله عنه- وقال: حديث حسن.
(٣) في «د»: النصب.
(٤) في «ع»: مقتديان.

<<  <   >  >>