للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١) (تَفَارِيعِ الفِقْهِ) الَّتي يُعنى بتحقيقِها الفقهاءُ؛ لأنَّ ذلك مِن فروعِ الاجتهادِ الَّتي وَلَّدَها المجتهدونَ بَعدَ حيازةِ منصبِه، فلو اشْتُرِطَتْ مَعرفتُها في الاجتهادِ لَزِمَ الدَّوْرُ لتَوَقُّفِ الأصلِ الَّذِي هو الاجتهادُ على الفرعِ الَّذِي هو تفاريعُ الفقهِ، وكذلك لا يُشتَرَطُ معرفةُ دقائقِ العربيَّةِ والتَّصريفِ حَتَّى يَكُونَ كسِيبَوَيْه ونحوِه؛ لأنَّ المحتاجَ إليه في الفقهِ دونَ ذلك.

(٢) (وَ) لا (عِلْمِ الكَلَامِ) أي: علمِ أصولِ الدِّينِ.

قالَ الغزَّالِيُّ: ليسَ (١) معرفةُ الكلامِ بالأدلَّةِ المجرَّدةِ فيه على عادةِ المتكلِّمينَ شرطًا في الاجتهادِ، بل هو مِن ضرورةِ منصبِ الاجتهادِ؛ إذْ لا يَبلُغُ رتبةَ الاجتهادِ إلَّا وقد قَرَعَ سَمعَه أدلَّةُ الكلامِ فيَعرِفُها حَتَّى لو تُصُوِّرَ مُقلِّدٌ محضٌ في تصديقِ الرَّسولِ -صلى الله عليه وسلم- وأصولِ الإيمانِ لجازَ له الاجتهادُ في الفروعِ بالشُّروطِ المذكورةِ، هذا مَعنى كلامه (٢).

قالَ: والقَدْرُ الواجبُ مِن ذلك اعتقادٌ جازمٌ؛ إذ به يَصِيرُ مُسلمًا والإسلامُ شرطُ المفتي لا مَحالَةَ.

(٣) (وَلَا مَعْرِفَةِ أَكْثَرِ الفِقْهِ) في الأشهرِ؛ لأنَّه نتيجتُه.

ولا يُشتَرطُ في المجتهدِ أيضًا كونُه ذَكَرًا ولا حُرًّا ولا عدلًا، لكن لا يُستفتى الفاسقُ ولا يُعمَلُ بقولِه بخلافِ المرأةِ والرَّقيقِ.

واعلَمْ أنَّ هذه الشُّروطَ المذكورةَ كلَّها إِنَّمَا تُشتَرَطُ للمجتهدِ المطلَقِ الَّذِي يُفتي في جميعِ الشَّرعِ؛ كالأئمَّةِ الأربعةِ -رضي الله عنهم- ونحوِهم، أمَّا مَن أفتى في فنٍّ


(١) في «ع»: ليست.
(٢) «المستصفى» (ص ٣٤٤).

<<  <   >  >>