للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَإِنْ لَمْ يَعْمَلِ) العامِّيُّ (بِفَتْوَاهُ) أي: بفتوى مُفتيه حَتَّى تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ (لَزِمَ المُفْتِيَ إِعْلَامُهُ) أي: لزمَ تعريفُ العامِّيِّ بتغيُّرِ اجتهادِه فيما أَفْتاه به إنْ تَمَكَّنَ منه؛ لأنَّ العامِّيَّ إِنَّمَا يَعمَلُ به لأنَّه قولُ المفتي، ومعلومٌ أنَّه في تلك الحالةِ لَيْسَ قولَه، ومفهومُه أنَّ العامِّيَّ إن كان قد عَمِلَ بقولِه لم يَلزمْه إعلامُه،

(فَلَوْ مَاتَ) المُفْتِي (قَبْلَهُ) أي: قبلَ إعلامِه بتغيُّرِ اجتهادِه (اسْتَمَرَّ) العامِّيُّ على فَتواه في الأصحِّ؛ لأنَّ الظَّاهرَ الجوازُ.

(وَ) يَجُوزُ (لَهُ) أي: للعامِّيِّ (تَقْلِيدُ) مجتهدٍ (مَيِّتٍ) كتقليدِ حيٍّ عندَ الجمهورِ؛ لأنَّ قولَه باقٍ في الإجماعِ، وفيه يَقُولُ الإمامُ الشَّافعيُّ: المذاهبُ لا تَمُوتُ بموتِ أربابِها.

و (كَحَاكِمٍ وَشَاهِدٍ) لا يَبْطُلُ حُكمُه بموتِه ولا شهادتُه بموتِه، وظاهرُه ولو وُجِدَ مُجتهدًا حيًّا، فلو كانَ الحيُّ دونَ الميِّتِ احتملَ أنْ يُقَلَّدَ الميَّتُ لأرجحيَّتِه أو الحيُّ لحياتِه واحتملَ التَّساوي.

(وَإِنْ عَمِلَ) العامِّيُّ (بِفُتْيَاهُ) أي: فُتيا مُفتيه (فِي إِتْلَافِ) نفسٍ أو مالٍ (فَبَانَ خَطَؤُهُ) أي: المفتي (قَطْعًا) أي: خالَفَ دليلًا قاطعًا (ضَمِنَهُ) أي: ضَمِنَ المفتي ما أَتْلَفَه المستفتي بمُقتضى فُتياه، فإنْ لم يُخالِفِ القاطعَ لم يَضمَنْ؛ لأنَّه معذورٌ،

(وَكَذا) يَضمَنُ المفتي على الصَّحيحِ (إِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا) للفُتيا، بل أَوْلى بالضَّمانِ مِمَّن له أهليَّةٌ والَّذي يَنبغي أن يُنظَرَ إن كانَ المستفتي يَعلَم أنَّه لَيْسَ أهلًا للفُتيا واستفتاه لم يَضمَنْ؛ لأنَّه الجاني على نَفْسِه، وإن لم يَعلَمْه ضَمِنَ المفتي.

<<  <   >  >>