للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ في «شرح الأصل»: لَيْسَ للمُقَلِّدِ أنْ يَحكُمَ بخلافِ مذهبِ إمامِه، كما أنَّ المجتهدَ لَيْسَ له أن يَحكُمَ بغيرِ اجتهادِه (١)، فعلى هذا لا بُدَّ مِن موافقةِ مذهبِ إمامِه.

(وَيُنْقَضُ فِي قَوْلٍ) لبعضِ أصحابِنا (مَا) أي: حُكمٌ (خَالَفَ فِيهِ) المقلِّدُ (مَذْهَبَ إِمَامِهِ)، فإذا حَكَمَ المُقلِّدُ بخلافِ قولِ إمامِه انْبَنَى على أنَّه يَجوزُ له تقليدُ غيرِه أم لا، فإنْ مَنَعْنا الحكمَ بخلافِ قولِ إمامِه نُقِضَ، وإنْ جَوَّزْناه فلا. وقال الغزَّالِيُّ: إذا مَنَعْنا مَن قَلَّدَ إمامًا أن يُقَلِّدَ غيرَه وفَعَلَ وحَكَمَ بقولِه: فيَنبغي ألَّا يَنفُذَ قضاؤُه، ولأنَّه في ظنِّه أنَّ إمامَه أرجحُ.

(وَ) لهذا (فِي قَوْلٍ) لبعضِ أصحابِنا وهو موافقٌ لظاهرِ ما قاله ابنُ حمدانَ وهو (مُخَالَفَةُ المُفْتِي نَصَّ إِمَامِهِ كَمُخَالَفَةِ نَصِّ الشَّارِعِ) معَ أنَّ ظاهرَه أنَّه غيرُ المقلِّدِ بل هو مفتٍ، فيَكُونُ المقلِّدُ بطريقِ الأَوْلى.

(وَمَنِ اجْتَهَدَ) لنَفسِه (فَتَزَوَّجَ) وأدَّاه اجتهادُه إلى صِحَّةِ النِّكاحِ (بِلَا وَلِيٍّ، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) فرأى أنَّه باطلٌ (حَرُمَتْ) عليه زوجتُه مطلقًا في الأصحِّ، وقِيلَ: لا تَحرُمُ مُطلقًا، والقولُ الثَّالثُ وهو الَّذِي عليه عملُ النَّاسِ: أنَّها تَحرُمُ (إِنْ لَمْ يَكُنْ حَكَمَ بِهِ) قبلَ تغيُّرِ اجتهادِه وإن كانَ حَكَمَ به لم تَحرُمْ؛ لئلَّا يَلْزَمَ نقضُ الاجتهادِ بالاجتهادِ، وأيضًا استدامةُ حِلِّها بخلافِ مُعتقَدِه خلافُ الإجماعِ.

(وَلَا تَحْرُمُ) الزَّوجةُ (عَلَى مُقَلِّدٍ بِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِ إِمَامِهِ) فإذا أَفْتى مجتهدٌ عامِّيًّا باجتهادٍ ثمَّ تَغَيَّرَ اجتهادُه لم تَحرُمْ عليه على الأصحِّ؛ لأنَّ عَمَلَه بفتواه (٢) كالحكمِ،


(١) «التحبير شرح التحرير» (٨/ ٣٩٧٨).
(٢) في «ع»: بفتوان.

<<  <   >  >>