(٢)(وَلَا) يَلْزَمُ العَامِّيَّ (ألَّا يَنْتَقِلَ عَنْ مَذْهَبٍ عَمِلَ بِهِ) إلى مذهبٍ آخَرَ (فَيَتَخَيَّرُ) عندَ الأكثرِ، واختارَ الآمِدِيُّ منعَ الانتقالِ فيما عَمِلَ به.
(وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أي: العامِّيِّ (تَتَبُّعُ الرُّخَصِ) وهو أنَّه كُلَّما وَجَدَ رخصةً في مذهبٍ عَمِلَ بها، ولا يَعمَلُ بغيرِها في ذلك المذهبِ، بل هذه الفَعلةُ زَنْدَقَةٌ مِن فاعِلِها، (وَيَفْسُقُ بِهِ) أي: بتتبُّعِ الرُّخَصِ، فإنَّ القائلَ بهذه الرُّخصةِ في هذا المذهبِ لا يَقُولُ بالرُّخصةِ بتلك الرُّخصةِ الأُخرى.
(وَإِنْ عَمِلَ عَامِّيٌّ بِمَا أَفْتَاهُ مُجْتَهِدٌ) في حادثةٍ (لَزِمَهُ) البقاءُ عليه قطعًا وليسَ له الرُّجوعُ عنه إلى فتوى غيرِه في تلك الحادثةِ بعينِها إجماعًا،
(وَإِلَّا) بأنْ لم يَعمَلْ بما أفتاه المجتهدُ (فَـ) الصَّحيحُ أنَّه (لَا) يَلْزَمُه العملُ به (إِلَّا بِالتِزَامِهِ) ذلك، وقِيلَ: يَلْزَمُه إذا وَقَعَ في نَفْسِه صِحَّتُه وحقيقتُه، وقِيلَ: يَلْزَمُه بالشُّروعِ، فإن لم يَشْرَعْ ساغَ سؤالُ غيرِه، وقِيلَ بالإفتاءِ بمُجَرَّدِ ما أَفْتَاه لَزِمَه العملُ به؛ لأنَّه في حَقِّه كالدَّليلِ بالنِّسبةِ إلى المجتهدِ، كما لو لم يُوجَدْ غيرُه أو حَكَمَ به عليه حاكمٌ.
(وَإِنِ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ) أي: العامِّيِّ (مُجْتَهِدَانِ) بأنْ أَفْتَاه واحدٌ بحُكمٍ وآخَرُ بآخَرَ، (تَخَيَّرَ) في الأخذِ على الصَّحيحِ، وذَكَرَه أبو الخَطَّابِ ظاهرَ كلامِ أحمدَ، فإِنَّه سُئِلَ عن مسألةٍ في الطَّلاقِ، فقالَ: إنْ فَعَلَ حَنَثَ. فقالَ السَّائلُ: إنْ أَفْتَاني إنسانٌ: لا أَحنَثُ؟ قالَ: تَعرِفُ حلقةَ المَدنيِّينَ؟ قُلْتُ: فإنْ أَفْتَوْنِي، حَلَّ؟ قالَ: نعمْ.