للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- أَفْرَدَ التَّلْبِيَةَ» (١) فتُرَجَّحُ على روايةِ مَن رَوَى أنَّه ثَنَّى؛ لأنَّه رُوِيَ أنَّه كانَ تحتَ ناقةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- حينَ لَبَّى، والظَّاهرُ أنَّه أَعرَفُ.

(أَوْ) كانَ (مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ) رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنهم، فتُرَجَّحُ روايتُه على الأصاغرِ في الأصحِّ لاختصاصِه بمزيدِ خبْرةٍ بأحوالِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لمنزلتِه منه ومَكانَتِه (٢) عندَه وملازمتِه له، والمرادُ بالأكابرِ رؤساءُ الصَّحابةِ لا بالسِّنِّ، والقريبُ أعرفُ بحالِه من البعيدِ، ولقولِه -عليه السلام-: «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» (٣).

(فَـ) على هذا (يُقَدَّمُ الخُلَفَاءُ الأَرْبَعَةُ (٤) يعني أبا بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليًّا رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنهم على غيرِهم في الرِّوايةِ لزيادةِ فَضيلتِهم وتيقُّظِهم وتَثَبُّتِهم للأحكامِ واحتياجِهم لها.

(أَوْ مُتَقَدِّمُ الإِسْلَامِ) فتُرَجَّحُ روايتُه على المتأخِّر عندَ الآمِدِيِّ وغيرِه.

قالَ الطُّوفِيُّ: نَظَرَ إلى مطلقِ الرُّجحانِ في الفضيلةِ.

ثمَّ قالَ: والتَّوجيهُ المُؤَثِّرُ المناسِبُ لذلك أنَّ مُتَقَدِّمَ الإسلامِ أثبتُ وأرجحُ في الفتوى والورعِ لزيادةِ نَظَرِه في قوارعِ القرآنِ وزواجرِه، وذلك يَقتضي تَوفُّرَ الدَّواعي على العنايةِ بضبطِ الرِّوايةِ والتَّحرِّي في تَحمُّلِها وآدابِها (٥).


(١) رواه البخاري (١٥٤٩)، ومسلم (١١٨٤) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ.
(٢) في «ع»: ومكانه.
(٣) رواه مسلم (٤٣٢) من حديث أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه-.
(٤) زاد في «مختصر التحرير» (ص ٢٧٥): وأحدهم.
(٥) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٦٩٦).

<<  <   >  >>