للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَوَقَّفَ على وصفينِ فأكثرَ، وصارَ هذا كالطَّلاقِ والعتقِ المعلَّقِ على شروطٍ.

وكذلك الأحكامُ الَّتي (١) تَثبُتُ بشاهدٍ أقربُ وقوعًا ممَّا ثَبَتَ بشاهدينِ، وما ثَبَتَ بشاهدينِ أقربُ وُقوعًا ممَّا ثَبَتَ بأربعةٍ، فالموقوفُ على الأقلِّ أكثرُ وعلى الأكثرِ أقلُّ؛ ولهذا كانَتِ الزِّيادةُ في الحدِّ نقصًا في المحدودِ، والنَّقصُ في الحدِّ زيادةً في المحدودِ، فالحيوانُ المَشَّاءُ أكثرُ مِن الإنسانِ، والحيوانُ الكاتبُ بالفعلِ أقلُّ مِن الإنسانِ (٢).

(وَ) إنْ كانَتِ العلَّتانِ (مِن أَصْلَيْنِ) فأكثرَ (فَكَثِيرَتُهَا) أي: فالعِلَّةُ الكثيرةُ الأوصافِ (أَوْلَى) من قليلتِها (إِذَا كَانَتْ أَوْصَافُ كُلِّ) واحدةٍ (مِنْهُمَا) أي: مِن العِلَّتَينِ (مَوْجُودَةً فِي الفَرْعِ) على الصَّحيحِ لقوَّةِ شَبَهِه بالأكثرِ.

(وَ) تُرَجَّحُ عِلَّةٌ (مُطَّرِدَةٌ فَقَطْ عَلَى) عِلَّةٍ (مُنْعَكِسَةٍ فَقَطْ) إنْ قِيلَ بصِحَّةِ المنعكسةِ؛ لأنَّ اعتبارَ الاطِّرادِ مُتَّفقٌ عليه وضعفُ الثَّانيةِ بعدمِ الاطِّرادِ أشدُّ مِن ضعفِ الأُولى بعدمِ الانعكاسِ.

قالَ الطُّوفِيُّ: وتحقيقُ هذه أنَّ غيرَ المُطردةِ وهي المنتقضةُ بصورةٍ فأكثرَ إن لم نَقُلْ بصِحَّتِها لم تُعارِضِ المُطَّرِدةَ حَتَّى تَحتاجَ إلى التَّرجيحِ، وتَكُونُ كالخبرِ الضَّعيفِ معَ الصَّحيحِ، وإنْ قُلْنا بصِحَّتِها فاجتمعتْ هي والمُطَّردةُ فالمُطَّردةُ راجحةٌ؛ لأنَّ ظنَّ العِلِّيَّةِ فيها أغلبُ، ولأنَّها مُتَّفقٌ عليها، والمنتقضةُ مُختلَفٌ فيها، فهما كالعامَّينِ إذا خُصَّ أحدُهما دونَ الآخرِ كانَ الباقي على عمومِه راجحًا.

وقالَ: قد سَبَقَ أنَّ اطِّرادَ العِلَّةِ هو وجودُ الحُكمِ بوجودِها حيثُ وُجِدَتْ،


(١) في «د»: الذي.
(٢) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٧٢٢).

<<  <   >  >>