للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وانعكاسُها هو انتفاءُ الحُكمِ لانتفائِها، وسَبَقَ أيضًا أنَّ انعكاسَ العِلَّةِ هل هو شرطٌ في صِحَّتِها أم لا؟ فإنْ لم يُشتَرَطِ العكسُ لم تُرَجَّحِ المنعكسةُ على غيرِ المنعكسةِ؛ لأنَّ المشتركَ بينَهما في شرطِ الصِّحَّةِ هو الاطِّرادُ وهو موجودٌ، والانعكاسُ غيرُ مشتَرَطٍ، فوجودُه كالعدمِ وهو كالإخوةِ مِن الأمِّ معَ الإخوةِ مِن الأبِ في ولايةِ النِّكاحِ.

وإنْ شَرَطْنا انعكاسَ العِلَّةِ رَجَحَتِ المنعكسةُ على غيرِها؛ لأنَّ انتفاءَ الحُكمِ عندَ انتفائِها يَدُلُّ على زيادةِ اختصاصِها بالتَّأثيرِ فتَصيرُ كالحدِّ معَ المحدودِ يُقدَّمُ المنعكسُ فيه على غيرِه وكالعلَّةِ العقليَّةِ معَ المعلولِ، كالتَّسويدِ معَ الاسودادِ.

[(وَمُنَاسَبَةٌ عَلَى شَبَهَيْهِ)] (١) فكانَت المُشَبَّهَةُ لها من العللِ الشَّرعيَّةِ أَوْلى، وصارَ انعكاسُها على هذا كإخوةِ الأمِّ معَ إخوةِ الأبِ في بابِ الميراثِ يُرَجَّحُ بها دَلالتُه على أخصِّيَّةِ القرابةِ (٢).

(وَ) إذا تعارَضَ أقسامٌ مِن المناسبةِ قُدِّمَتِ (المَقَاصِدُ الضَّرُورِيَّةُ) الخمسةُ الَّتي هي: حفظُ الدِّينِ، والنَّفْسِ، والعقلِ، والنَّسلِ، والمالِ (عَلَى غَيْرِهَا) مِن حاجيٍّ أو تحسينيٍّ، وتَقَدَّمَتْ في المسلكِ الرَّابعِ مِن مسالكِ العِلَّةِ.

(وَ) يُقَدَّمُ (مُكَمِّلُهَا) أي: مُكَمِّلُ الخمسةِ مِن الضَّروريَّةِ (عَلَى) أصلِ (الحَاجِيَّةِ، وَ) تُقَدَّمُ (هِيَ) أي: المصلحةُ الحاجيَّةُ (عَلَى التَّحْسِينِيَّةِ، و) إذا تعارَضَ بعضُ الخمسِ الضَّروريَّةِ قُدِّمَ منها (حِفْظُ الدِّينِ: عَلَى بَاقِي الضَّرُورِيَّةِ) لأنَّه المقصودُ الأعظمُ؛ قالَ اللهُ تَعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ


(١) ليس في «ع»، «شرح مختصر الروضة».
(٢) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٧١٨ - ٧١٩).

<<  <   >  >>