درجة حرارة الجسم في حالته الطبيعية وهي ٣٧ ْ، فيكون الفرق ثلاث درجات فقط. على أن الإنسان يحتمل البرد بسهولة حتى الدرجة ١٠ ْ و١٥ ْ تحت الصفر مع أن الفرق بينها وبين حرارة جسمه تكون ٤٧ ْ أو ٥٢ ْ درجة. ومن ذلك البيان يظهر بأجلى برهان انه أقدر على احتمال البرد من احتماله الحر.
نعم قد تسلم الحياة في بعض الأنحاء حيث تبلغ الحرارة ٥٠ أو ٥٣ درجة كما في السنغال أو غيرها من الأصقاع الأفريقية. لكن الاستيطان في مثل هذه الأماكن يصعب جداً على أهالي البلاد المعتدلة، وإذا ولد لهم أولاد تراهم مهازيل الجسم نحفاء البنية.
وبعكس ذلك نرى الجسم يتعود شيئاً فشيئاً احتمال البرد ولو شديداً، وقد قران أن الذي قصدوا القطب الشمالي قد وصلوا إلى أصقاع لا يقل بردها عن ٤٠ أو ٤٥ تحت الصفر.
غير أن هذه الأرقام مما لا يسوغ تعميمه على كل الأحوال. فهناك مسألة العمر وطريقة المعيشة وغير ذلك من الأمور والبواعث يكون لها أكبر تأثير في احتمال البرد. فالرجل الهرم، وقد قل غذاؤه، يحتاج إلى الحرارة أكثر من سواه. أما الولد فهو أسرع تأثراً من البرد، على أن أنسجته تحتمل فقد الحرارة إلى درجة مدهشة فتقوى على احتمال ما لو أصاب الشاب لفتك به.
ويمكن القول بالإجمال أن فصل الشتاء هو أفضل فصول السنة لصحة السواد الأعظم من الناس لولا تسرب إلى أحوال معيشتنا من