تئن لها أنيناً فاستيأس الرجل وعلم أنه لابد هالك وأن مقص الفناء قد كاد يأتي على آخر خيط من خيوط أجله، فرفع يديه إلى السماء وهتف باسم أحسب أنه يشبه اسمك يا ماجدولين.
ثم ما لبث أن هوى الماء بهما وجرى مجراه فوقهما، فخفقت القلوب وجفت الصدور وخفتت الأصوات وتعلقت الأنفاس وشخصت الأبصار وامتدت العناق ومرت على ذلك ساعة لا تضطرب فيها موجة ولا تهب نسمة، فنظرت إلى أبي حائرة وقلت: أيتعذب الغرقى كثيراً في مصارعة الموت؟ قال: نعم يا بنية، ولقد يبلع الأمر بأحدهم أن يدور بيده في قاع البحر عله يجد الصخرة يضرب بها رأسه ضربة قاضية يستريح بها من الآلام والأوجاع. . . فركعت فوق الرمل ومددت إلى السماء يدي وقلت: اللهم إنك أعدل من أن تجازي الإحسان بالسوء أو الخير بالشر فلقد أبلى هذا الرجل في سبيلك بلاً حسناً وبذل في مرضاتك ما ضن به الناس جميعاً، وها قد ضاقت عليه المذاهب وتقطعت به السبل وأعوزه المعين والنصير فامدد إليه يدك البيضاء التي طالما أنرت بها ظلمات البائسين، وأنر له ظلمته التي يعالجها، إنك أرحم الراحمين وأعدل الحاكمين.
ثم استغرقت في صلاتي فلم أعد أشعر بشيء مما حولي حتى سمعت ضجة على الشاطئ فاستفقت فإذ النهر يتثاءب عن الرجل وإذا الرجل صاعد وحده إلى سطح الماء فتنفس
طويلاً فصاح به الناس: انج بنفسك فقد أبليت. . . فهبط مرة أخرى وعاد بالغريق يجره وراءه ومازال