تكفل لفردينان ده لسبس ما كفلت أهرام مصر لمن بناها: اسماً ماجداً وذكراً خالداً. وهذه ترعة بناما التي يتم فتحها في القريب من الزمن سيكون لها شأن يذكر في تقريب المسافات وتسهيل الموصلات.
السويس وبناما بابا أربعة بحور عظام وهما كمنطقة تحدق بالكرة الأرضية عن طريقهما تمر تجارة المعمور وإليهما ومنهما مصيرها ومنفذها. وسوف يبقيان الطريق الكبرى اللاحبة بين آسيا وأوروبا مادام العالم السياسي على ما هو وبقيت الأرض على شكلها.
عرف القراء مجمل ما يتعلق بقناة السويس بعد تمحيص هذه المسألة في الجمعية العمومية وقيام مصر من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها للدفاع عن استقلال قناتها، وإننا لذاكرون هنا فقط شيئاً عن ترعة بناما فنقول:
بناما عبارة عن برزخ يعترض ني الأوقيانوسين الاتلانتكي والباسفيكي، واقع بني كولومبيا وكوستاريكا، جامع بين أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، وقف عقبة في وجه التجارة ويبلغ عرضه ستة وخمسين كيلومتراً بين مدينة كولون ومدينة بناما. والأولى في ٢٢ َ و٩ عرضاً و١٥َ و٨٢ْ طولاً والثانية في ٥٦َ و٨ْ عرضاً و٣٠َ و٧٩ْ طولاً.
وفتح هذا البرزخ - أي فصل العالم الجديد إلى شطرين - مشروع خطير جليل الفوائد.
ولقد عنّ هذا الفكر لعلماء أعلام وحكام عظام وخطر لعقول نيرة ومدارك سامية أن يبرزوه إلى حيز العمل. فنشرته الأقلام والألسنة فكبّر سامعوه وقالوا: هذا من باب المستحيل. . .