للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقولون إن الزمان هو الطبيب الشافي من داء الحب. ولقد مر على حبنا ثلاثة أعوام نما في خلالها وتأصل. وأهلك يزعمون أن طول الفراق ينسيك غرامك القديم. ولقد فاتهم أن من الحب ما يزيده الفراق قوة، وأن الزمان أن ألقى بيننا حجاباً فإلى أجل محدود لا يتجاوز القبر. وأما بعد القبر.

رحم الله أيامنا في رشموند كم دفنا فيها أماني غرام! إذا أفسح الله في أجلي فسأحج إلى تلك الصفصافة التي كنا نجلس تحتها عند الإمساء. ترى إلى أين تمتد بنا فسحة الفراق؟ أإلى

القبر؟ لا بأس - بشرط أن تفتح الأبدية أحضانها وتضمنا معاً. هناك حيث ينقطع كل صوت وتبطل كل حركة. هناك حيث لا تسمع إلا حفيف الأجنحة وهمس الملائكة هناك حيث لا سعادة إلا سعادة الحب ولا نشيد إلا نشيد الحب ولا خلود إلا لمن يعرف الحب.

هب أنهم منعوني عن أن أكون زوجة لك في هذه الحياة. فهل ينالنا أذاهم وراء القبر وهل تنتقل المظالم التي تجري تحت الشمس إلى ظلمة الأبدية فتزيد في كثافتها وتقضي على آمالنا؟ كلا يا وليم إن الآلهة أرحم من أن تقسى إلى هذا الحد. فإذا أخفقت آمالنا في هذه الحياة فأمامنا مجال الأبدية اللانهائية لها حيث نخلع أثوابنا الفانية ونحلق في فضائها الرحيب فنشاهد من علونا الشاهق ما يجري على هذه الأرض من الشرور الفظيعة. وأي شر أفظع من أن يقف الإنسان بين نفسين متحابين ليس لهما ذنب سوى أن الله أوجد في قلبيهما ميلاً متبادلاً وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>