أمور هذه الفئة أن الفدية تدفع ودافعوها لا يعرفون مستلميها ولا مرقهم ولا يرون لهم وجهاً. وكثيراً ما ضجت الجرائد لاستئصال هذه الآفة إلا أنها كالنافخ في البوق بين الأموات. . .
هذا قليل من كثير مما يجري في بلاد تكاد البلاد الأخرى تتخذها منزل آلهة التمدن الحديث. وإذا قيل أين حكومتها وأين بوليسها وأين ما يقال عن عدلها وقسطها؟ قلت حكومتها موجودة، وبوليسها موجود، ولكنها الوحيدة بين الحكومات في العالم التي اتخذت مبدأها الوحيد توفير ثروة البلاد وجعل شعبها وأممها وبلاد أغنى شعوب أمم وبلاد العالم على الإطلاق، وإلى غير هذه الوجهة لا تنظر، منصرفة أكثر الانصراف عن بقية الوجوه الأخرى. وإذا كان جمع المال غاية المرء عميت عيناه وبصيرته عن سائر الغايات.
وعندهم أيضاً ما يعرف بتجارة الرقيق الأبيض وهي تجارة ذات شركات في كثير من البلاد الأمريكية تستجلب من البلاد الأوروبية كل رشيقة القد أسيلة الخد تبيعها من تجار الحسن وتبالغ في طلب الثمن المختلف لا باختلاف درجات الجمال فقط بل باختلاف الجنسية فلكل جنس عندهم ثمن معروف. والإفرنسية أغلى الفتيات ثمناً وأرفعهن مقاماً وأكثرهن رواجاً. وقد اهتمت الحكومة الأمريكية في العامين الماضيين اهتماماً مشكوراً لاصطلام هذه الآفة إلا أنها لم تؤت نجاحاً يذكر. ولا يزال مؤلفو هذه الشركات يتابعون هذه التجارة الرابحة والمدنية الحقيقة تنظر كل ذلك وتلطم خديها بيديها.