فيه أشد التأثر للمؤثرات الخارجية والانفعالات الداخلية. تهتم بالأحداث والصغار على اختلاف طبقاتهم ونحلهم ومشاربهم وأعمارهم. فتدرس الواحد منهم درساً مدققاً إذ تبحث عن أحواله وطرق معيشته وعائلته (إن كان له عائلة) ومحيطه وكل ما يتعلق به. ولا تقضي أمراً قبل تأكدها من صحة ما رأته وسمعته عن ذاك الحدث.
كل هذا قد يظهر للقارئ سهل المتناول. لكنه ليس كذلك حقيقة. فأسباب البلاء متعددة جداً لا تتوفر معرفتها حالاً في كل حين. وأهم جرائم الأحداث الكذب والغش والسرقة واللعن والحلف والكلام القبيح الفاسد وارتكاب المنكر وما أشبه. والأسباب الداعية لهذه المساوئ كثيرة متنوعة يصعب إحصاؤها وعدها. تنشأ من عدم وجود من فيهم الكفاءة لتربية الصغار تربية حسنة.
وما جر عليهم هذه الويلات إلا جهل والديهم أو عدم اكتراثهم لأولادهم. أو أن الأحوال قضت بتفريق الأب والأم كالطلاق والسكر والجهل والسياسة الخرقاء (كما سنرى). كل هذه قد تتحد معاً أو بعضها معاً فيترك الأولاد وشأنهم لا وازع أو مرشد يهديهم الصراط المستقيم فيضلون ويهيمون ويصبحون ضربة على الإنسانية وعيالاً على المحسنين.
ولنبحث الآن في الأسباب والعلل التي تؤدي بالأحداث إلى سوء العاقبة وشر المصير. وتوصلاً لهذه الغاية قد اعتمدت الإحصاءات المأخوذة عن مائة قضية من قضايا الأحداث ممن أحضروا أمام محكمة واحدة من محاكم الأحداث في ولاية شيكاغو من ولاية أمريكا المتحدة.