للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي بنيتها فيها قائمة حتى يومنا هذا. وقد قال أحد علمائكم: إن الكنعاني دون سواه يقدر أن يبني معاصر خالدة أعرف قدموس العتيق حق المعرفة وأعلم أني انتقلت بشعوب الحبر المتوسط من العصر الحجري إلى العصر النحاسي وقد علمت الإغريقيين مبادئ جميع الفنون واعطيتهم بدلاً من الحنطة والخمرة وجلود الحيوانات التي جاؤوني بها كؤوساً يتعانق عليها الحمام ودمى من الخزف ومنذ ذلك الحين نشطوا إلى نسخها وترتيبها على ذوقهم. وفي آخر الأمر أعطيتهم حروفاً هجائية لم يقدروا بدونها أن يحددوا ويحصروا أفكارهم التي تخلب لبك. هذا ما فعله قدموس العتيق وهو لم يفعله حباً بالجنس البشري أو رغبة في مجد

زائل بل حباً بالكسب والاستفادة الحقيقية الممكن لمسهما باليد. وقد فعله أملاً بحشد الثروة وطمعاً بشرب الخمر في شيخوخته في كؤوس من الذهب على مائدة من الفضة بين غانيات بيض الوجوه يرقصن رقصاً يثير الشهوات من مرابضها ويعزفن على القيثارة عزفاً يرنح المعاطف لأن قدموس العتيق لا يؤمن بالصلاح ولا بالفضيلة وهو يدري أن البشر أشرار وأن الآلهة وهم أقوى من البشر شر منهم. وهو يخافهم ويبذل المجهود لتسكين غضبهم بالقرابين الدموية ولا يحبهم أبداً لن الأنانية متسلطة عليه كل التسلط. وها أنذا أصف لك ذاتي على ما أنا عليه في واقع الحال وأعتقد أني لو لم أجر وراء ملاذ الحواس القوية ما كنت قد سعيت لجمع المال واخترعت الفنون التي لا تزالون تتنعمون بها في هذا العصر. وحيث لم يكن لك يا سيدي العزيز عقل كافٍ تستطيع به أن تصير تاجراً وحيث

<<  <  ج: ص:  >  >>