للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنك قد اخترت مزاولة الكتابة سالكاً فيها مسلك الإغريقيين وجب عليك أن تحترمني احترامك للآلهة لأن لي الفضل عليك بالحروف الهجائية التي تستعين بها على الكتابة، فأنا مخترعها ولا يخفى عليك أني لم ابتدعها إلا لترويج تجارتي دون أن يبدر إلى وهمي ما سيكون لتلك الحروف من الشأن في العالم الأدبي. وكان يعوزني لوضع تلك العلامات أسلوب بسيط وقريب المتناول وودت من صميم الفؤاد لو كنت أستطيع اقتباسه من جيراني الذين تعودت أن آخذ عنهم كل ما لائمني لأن مسألة الأصول لم تكن عندي أمراً يعتد به. فإن لغتي هي لغة الساميين ونحتي تارة بابلي وتارة مصري ولو كان ثمة خط جميل لكنت اكتفيت مؤونة الاختراع في هذا الموضوع ولكن لم يكن يسد مسد حاجاتي الخط الهيروغليفي المستعمل عند الشعوب التي تسمونها الآن خطية ولا تعرفونها من التعقيد وكانت كتابتها بطيئة جداً وهما من الخطوط التي يفضل نقشها على جدران الهياكل والرموس على رقمها على أدراج التاجر. فالخط المصري وإن يكن مختصراً ومنحنياً قد بقي له من مثاله الأصلي شيء من الثقل والارتباك والتردد لأن الأسلوب بجملته كان فاسداً وبقيت الهيروغليفية المختزلة هيروغليفية أي مبهمة إبهاماً هائلاً. وأنت تدري كيف كان المصريون يخلطون في الهيروغليفية المطولة والهيروغليفية المختصرة وبين العلامات المعبرة عن الأفكار والعلامات المعبرة عن الأصوات وأنا بفضل دهائي اخترت اثنتين وعشرين علامة من تلك العلامات

<<  <  ج: ص:  >  >>