للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنهم من قال: أنَّ وجه سبب الكهانة من الوحي الفلكيّ؛ ولعلّ ذلك خاص بالمنجمين دون غيرهم من الكهان. ومنهم من قال: إن للكاهنِ تابعاً من الجنّ , ورئياًّ يلقي إليهِ الأخبار. وهو القول المشهور عندهم , المعتمد في الإسلام. وقد جاءَ في صحيح البخاري عن النبي: أن الملائكة تتحدث في العِنان (أي الغمام) بالأمر يكون في الأرض فتسمع الشياطين الكلمة فتقرّها في أُذن الكاهن , كما تقرّ القارورة , فيزيدون معها مائة كذبة. وقال الله في كتابه: {يوحي بعضه إلى بعض زخرف القول غروراً}. وقال: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم}. وقال الأزهري: كانت الكهانة في العرب قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلما بُعث نبياًّ وحرست السماء بالشهب , ومنُعت الجن والشياطين من استراق السمع وإلقائه إلى الكهان , بطل علم الكهانة. وقال الله في كتابه: {وأنّا لمسنا السماءَ فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً

وكان للكهانة في الجاهلية شأن عظيم لشدة اعتقاد القوم بها. فكان الواحد منهم إذا ضلَّت له ضالة , أو سرق له شيءً , أو همَّ بأمرٍ ذي بال أو أُصيب أحد من أهله بمرض , يذهب إلى الكاهن فيستطلع منهُ ما يحبُّ الوقوف عليهِ من مكان الضالة , أو محل السرقة , أو مال الأمر , أو داء المريض. وكانوا يقصدون الكهان بنوع أخصّ لأجل تفسير الأحلام المؤثرة , لأنهم كانوا يعتقدون أنها نبأ روحاني عما سيقع لهم من الأمور الخطيرة في

مستقبل الزمان. وكانوا يحترمون أقوال الكهان فيما يسألونهم عنه , فلا يخالفون لهم رأياً. وكان الكهان يتوخون السجع

<<  <  ج: ص:  >  >>