للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مظلمة , فإذا هو قد زعق من بينهم ورنَّ وتأوَّه وقال: والضياء والشفق , والظلام والغسق , ليطرقنَّكم ما طرق. قالوا: ما طرق يا سطيح. قال: ما طرق إلاَّ الأجلح , حين سرى الليل إليهم الأفلح , وولاهم فيهِ دح. قالوا: وما علامة ذلك يا سطيح. قال: أمر بسد النقرة ذوجية في الوجرة وحرَّة في ليلة قرَّة. فلم يكترثوا لقوله , وتعاصفت مدود من أودية هنالك , فجاءَتهم في ليلة قرَّة كما ذكر , فساقت الأنعام والمواشي وكادت تذهب بعامتهم

ومن أشهر ما يروى عن سطيح تأويله رؤيا ربيعة بن نصر ملك اليمن إذ أنذر باستيلاء الحبشة على بلاده. وذلك أن ربيعة رأى رؤيا هالته , فلم يدع كاهناً ولا ساحراً ولا عائقاً ولا منجماً من أهل ملكه إلاّ استدعاه إليه , فلما اجتمعوا في داره قال لهم أني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها , فأخبروني بها وبتأويلها. فقالوا قصَّها علينا نخبرك بتأويلها. قال إني إن أخبرتكم بها لم اطمئنَّ إلى خبركم عن تأويلها أنه لا يعرف تأويلها إلاّ من عرفها قبل أن أخبره بها. فقال له رجل منهم إن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح وشق إذ ليس أحد أعلم منهما , فهما يخبرانه بما سأل عنه. فبعث الملك إليهما. فقدم عليه سطيح قبل شق فقال له: إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبرني بها فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها. قال: أفعلُ. حُمَمَه , خرجت من ظلمه , فوقعت بأرض تَهِمهَ فأكلت منها كل ذات جمجمة. فقال له الملك: ما أخطأت منها شيئاً يا سطيح , فما عندك في تأويلها؟ فقال: أحلف بما بين الحرتين من حنَش ,

<<  <  ج: ص:  >  >>