وعادت الصدفة إلى خدمته بنوع عجيب فإن مالطة المعتبرة منيعةً جدًّا استسلمت إليهِ بغير حربٍ وإن عزائم نابليون التي تخلو من التغرير بالنفس كللها النجاح وترك أسطول العدو أي أسطول
الانكليز جيشاً برمتهِ يمرُّ في عرض البحر على أنهُ بعد قليل من الحين لم يعد يأذن لمركب وإن زورقاً أن يمرّ على متن اللجة وفي أفريقيا ساق كثيراً من الفظائع إلى قوم عزَّل على التقريب وكان الرجال الذين أتوا تلك المنكرات وخصوصاً زعيمهم يزعمون أن ما أجروهُ عظيم وجميل وأنهم يجنون من أدواحهِ ثمار المجد وأن مآثرهم الخطيرة تحكي مآثر قيصر والاسكندر المقدوني وأن تصورته الوهمية بالمجد والسؤدد التي لم يكن من شأنها فقط الأحجام عن اقتراف الجرائم بل الافتخار بها والنسبة إليها معنى يفوق الطبيعة والتي ستكون هادياً لهذا الرجل ولجميع مريديهِ وأشياعهِ أطلقت حريتها للاستعداد في أفريقيا وأفضى كل ما عالجه إلى الفوز فأن الطاعون تجاوزهُ ولم يُعتبر قتلهُ الأسرى جناية تلصق به وإن انطلاقه ُالمعجل الوهمي الخالي من السبب والدالّ على النذالة لتركهِ وراءَهُ رفاقهُ في حال الضيق عدَّهُ لهُ بعضهم فضيلةً وقد مكَّنهُ الأسطول الانكليزي مرة ثانية من النجاة فحينئذ انبهر من تلك الجرائم التي فتحت في وجهه باب السعادة